مراقي التقوى والاستخلاف في الفريضة السنوية

يسوق عنوان الموضوع إلى الكتابة المنحازة لرؤية ذاتية إيمانية لاشك تمليها وتؤثر فيها العقيدة الدينية أو الانتماء الحضاري وخاصة بالنسبة لنا الدين الإسلامي الحنيف والصورة التي وضعها لنظام الحياة بالنسبة للمجتمعات والأفراد بداية من الشهادة التي لا تعني مجرد الإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه والإيمان والعمل بالأركان الخمسة للإسلام وإنما بالتدليل على ذلك بشهوده والشهادة به ومعايشته يقينا والتزاما وعملا الإيمان الذي لا تشوهه الشكوك ولا تطاله الخزعبلات وأمراض الغلو والتكفير وأعراض التزمت أو تمسه وتسيء إليه لعنة النعرات الجاهلية ونوازع الكراهية !
نتحدث عن ذلك في أكناف الشهر الفضيل متوقفين عند بعض المعاني والدلالات المستفادة من فريضة الصوم وعطاء هذه المدرسة الروحانية العظيمة !!!
فهل الصوم مجرد مظهر تجميلي لسلوك الإنسان فردا كان أو مجتمعا وهل الجوع والعطش والإمساك عن الرغبات وكل المفطرات نوع من التقليد لما توارثته البشرية من الأديان والعبادات القديمة جدا¿ أو كما ينظر إليه بعض العصريين رياضة روحية ونفسية ¿¿ ومن أجل ذلك ينصح به الأطباء في هيئات معينة في معالجة بعض الأمراض !
الأمر بالنسبة لنا في ديننا الإسلامي واضح جدا فهو الركن الرابع من أركان الدين الإسلامي الحنيف وفريضة جوهرية سنوية من شأنها الصعود بالمؤمن في درجات التقوى وتعزيز عمق الصلة التعبدية بالله سبحانه وتعالى ولذلك كتب علينا الصوم كما كتب على الذين من قبلنا (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) سورة البقرة الآية ??? وقوله عز وجل (( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )) ذات السورة الكريمة الآية ??? وهو خير لنا في كل الأحوال باستثناء من يطيقونه
إذا فالصوم فريضة سنوية جليلة يوصل أداؤها إلى ارتقاء درجات عالية في رحاب التقوى وتعزيز الصلة بالله سبحانه وتعالى والخوف منه والتذلل في طاعته والعبودية له عز وجل ذلك في الجوهر التعبدي السامي ولكنه في العمق الإنساني وعلى سعة الاستخلاف لله على الأرض وفي العلاقة بين الناس بداية من العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم بناء للمشاعر الأخوية الواحدة وتنمية للأحاسيس النبيلة تجاه المجتمع وأفراده الذين يعانون الفقر والجوع والحاجة للمساعدة والنجدة الأخوية !
إن الصوم – وذلك جانب من مراقي الاستخلاف لله على الأرض – كفيل بتنمية روح إنسانية تكافلية وتعاونية جديدة لدى الإنسان وبناء إرادة قوية مسلحة باليقين ومتوجهة نحو فعل الخير والقيام بالبر والإحسان والتطهر من كل الأدواء والنوازع الشريرة في طريق يبحث عن تقديم الأنموذج في الطاعة الخالصة لوجه الله وتعميق كما قلنا الصلة الروحية الوثيقة بالله عز وجل كما يجب أن يفصح عنها الالتزام بترجمة المبادئ والقيم والتعاليم الإسلامية السامية والقائمةö على الإخاء والمحبة والمساواة والتعاون والتكافل كما أشرنا سابقا ليبقى المجتمع موحدا وقويا ومتماسكا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وفي تواد وتراحم كما جاء في الحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلوات والتسليم (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))
وذلك مفتاح الإيمان بل والأساس في بنية المجتمع المسلم يقول الرسول الأعظم والنبي الخاتم عليه أفضل الصلوات والتسليم (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) فأين نحن اليوم من بعض ذلك ¿ هل يمكن أن يعيدنا أداء فريضة الصوم إلى هذه الحالة الصحية الراقية ¿¿
الفجوة بيننا وبينها سحيقة جدا جدا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم هو فعال لما يريد نسأله ونتوسله أن يهدينا إلى سواء السبيل
من نص طويل بعنوان ( نظرات في رحلة الصوم )

هذا المهيئ للرضى آت إليك
بكل تحنان الزمان
ووعود إيناع جليل الاعتبار
من يوم كان المصطفى بين الشهور
وحوى بمكنون لديه غنيمة العمر الجميل
كنز الكنوز.. وسر مفتاح الوصال!!
أحضانه للعالمين جميعهم
من يوم فاض بغيثه فوق التخوم
وكان معراجا إلى درب النجاة
بيت الهداية والخلاص
ومحتوى الفرقان في السفر الجليل
****
كل الرحاب تضيق في كف الحلك
وتضيء أنت بما اقتطفت من الثمار وكان لك
في وسع ما يصفو ويجري جدولك
ويمشط الغربال يوما بعد يوم
من كل ما لا ترتضيه
من قال قبلك مبحرا لذرى الفلك
يرنو إلى وجه الهلال
يا أيها الشهر المبارك هيت لك
ويكون أهلا للمنازلة العصية في جلال المعترك
والنور يسبق خطوه أنى سلك

قد يعجبك ايضا