لماذا سقطت السعودية من عين الشعوب العربية وارتقت إيران¿
إن المقارنة تعتبر من الأساليب المعتمدة في القراءات الموضوعية لاعتمادها على الحقائق في توصيف الوقائع. ولأن الإعلام المعادي لمحور المقاومة يعمل جاهدا على تشويه سمعة المحور وبالتحديد إيران من خلال كيل التهم بالحديث عن المد الشيعي تارة وصولا الى الحديث عن الإمبراطورية الفارسية تارة أخرى كان لا بد من توضيح الحقائق وراء تزايد النفوذ الإيراني وتراجع الدور السعودي. على الرغم من أن أغلب المحللين الموالين لسياسة إيران كما المعارضين لها يتفقون على أنه لا يمكن القياس بين دولة كإيران متعاظمة الدور إقليميا ودوليا وبين السعودية التي تعتبر لاعبة ضمن المساحة الأمريكية المحددة لها. ومن هنا فما هي الحقائق التي يجب الوقوف عندها¿
أولا: إيران نموذج القوة المستمدة من الشعوب:
يطول الحديث عن إنجازات إيران لكن وضوح سياسة طهران وقيامها على المبادئ الثابتة التي تضع أولوية مصلحة الشعوب يجعل الحديث عنها ذات مغزى وإن كان مختصرا. فالكلام عن إنجازات طهران يحتاج للعديد من المقالات لكن لا بد من توضيح بعض المسائل الأساسية:
– كانت إيران منذ انتصار الثورة الإسلامية فيها المحرöك الملهöم للمستضعفين في العالم العربي بل في كافة أنحاء العالم. وهو ما جعلها وبسبب مبدئها الإستراتيجي مساعدة المستضعفين واضحة السياسة الإستراتيجية والهدف والأسلوب.
– لذلك دعمت إيران المقاومات وعلى أساس ذلك بنت تحالفاتها. فمنذ قيامها كجمهورية إسلامية كانت واضحة العداء لأميركا والكيان الإسرائيلي وهو الأمر الذي لا يزال حتى اليوم. وبالتالي سارت إيران ضمن خط واضح المعالم جعلها تحترم من الشعوب كافة لا سيما العربية التي أدركت ومنذ ثمانينات القرن الماضي أن الهم العربي المتعلق بالقدس والقضية الفلسطينية كان وما يزال قضية إيران المصيرية.
– ومن خلال أسلوبها وسياساتها كانت إيران وما زالت تدعم حلفاءها وتقف الى جانبهم ضمن سياسة الدعم الإستشاري للدول والمالي للمقاومات المستضعفة. وهو ما بينته أحداث سوريا والعراق واليمن مؤخرا الى جانب دعم المقاومات العربية في لبنان وفلسطين تاريخيا. مع الإلتفات الى أن هذه الأمور بأسرها تعتبر هموم عربية مشتركة.
ولأن إنجازات إيران وسياساتها واضحة المعالم نكتفي بهذا القدر لنذهب للحديث عن الدور السعودي.
ثانيا: السعودية: نموذج التناقض في الأهداف والأسلوب:
من ناحية أخرى يمكن وصف السياسة الخارجية للسعودية عموما على أنها متناقضة الأهداف والسياسات في أغلب الأحيان تقوم على المصلحة كأولوية وتبتعد في أسلوبها عن تحقيق مطالب الشعوب العربية والأخذ بعين الإعتبار القضايا المشتركة. وبعد فترة من الزمن كانت السعودية فيها تنعم بمرجعية وهمية تبين أنها كانت دائما تسعى لجعل مكانتها الدينية بوابتها ونقطة قوتها. لكن هذا الأمر أسقطته الرياض بنفسها بعد حربها على اليمن مؤخرا. وهنا قراءة موضوعية في أسباب السقوط السعودي:
– إن تناقضات السياسة السعودية هي التي جعلتها تقع في امتحان البدائل والتي طالما كانت تضع مصلحتها أولوية في الإختيار بينها وهو ما رسخ لواقع في السياسة الخارجية السعودية مفعم بالتناقض الواضح إذ أن هناك مفارقات تتعلق بكيفية إدارة السعودية للملفات الخارجية. فعلى سبيل المثال لا الحصر قامت السعودية بوضع جماعة الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب مع العلم أنها هي التي احتضنتهم زمن لجوئهم وفرارهم من القيادات العسكرية التي لاحقتهم في بعض الأنظمة العربية. لكنها السعودية نفسها مولت وزير الدفاع في عهد الرئيس المصري السابق مرسي من أجل الإطاحة به واستبدال حكم الإسلاميين بآخر عسكري.
– من خلال مراجعة التاريخ السياسي المعاصر وبالتحديد سياسة الرياض تجاه المقاومات العربية نجد أن السعودية ضيقت الخناق على المقاومات الفلسطينية لا سيما حركة حماس عدة مرات حتى توجهت الأخيرة الى دمشق لتكون ملجأ قياداتها لفترة طويلة. لذلك فإن السياسة السعودية تجاه هذه المقاومات كانت تنبع من منطلق القدرة على تحجيمها لتكون أداة في يد السياسة السعودية ولم تكن الأولوية دعمها لمجرد أنها مقاومة.
– لم تستطع السعودية ومنذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي تأسيس إنطباع واضح تجاه القضية الفلسطينية وبالتحديد تجاه العداء العربي مع الكيان الإسرائيلي بل إن الرياض قامت وفي ظل كل الحروب التي حصلت بين الدول أو المقاومات العربية وجيش الكيان الإسرائيلي بالوقوف على الحياد أحيانا والتهجم على الحركات المقاومة أحيانا أخرى. وهو ما ظهر جليا في عدوان تموز ????م على لبنان وبعدها حروب غزة بأكملها.
– بالحديث عن الأزمة السورية فإن قيام السعودية بتقديم الدعم المالي واللوجستي الواضح لتنظيم داعش الإرهابي أظهر حجم التناقض في التعاطي مع القضايا العربية. فع