نــعــتــرف .. !
الحروب والصراعات السياسية التي تتحول لصراعات تأخذ أبعادا وقشورا أيديولوجية تسحق الناس تحت سطوتها وجبروتها ولا تنتج إلا الدمار والخواء والكراهية والثآرات وتكريس الجهل والمجهول والعصبية بمختلف مسمياتها وأبعادها من غير المعقول أن تستمر ويستمر معها القبول بها وبما تنتجه في كيانها من سموم وموروثات من الضغائن وبنوك من المعجزات والأساطير النافقة.
تساؤلان مشروعان يقفزان للذهن هنا وهما : يا ترى كم سيظل هذا الجنون والعنف والضياع في التغول والتغلغل في مجتمعنا¿
وهل من عقلاء يخلصون الناس من كل هذا الشر الذي ينشب أظافره في جسد وحياة البشر الذين أكلتهم الحروب والاحباطات والمخاوف والمجاعات والخيانات وصاروا ضامئين للاستقرار الكامل والسلام الشامل ينتظرون بشغف شديد الأبطال والشرفاء صناع التعاييش الذين سيبددون هذا الظلام والظلم والفراغ ويصنعون المجد والمحبة ويمثلون مدارس خالدة وعامرة بالحب في حياة هذا الشعب المتعب تكون بالفعل وحيا ونورا ملهما لأجياله.
لكم سمت بنا دوما أنفتنا وكرامتنا وكبرياؤنا عن الاعتراف بالهزيمة والانكسار والذل الداخلي والخارجي الذي صرنا نعيشه بكل تفاصيله ومستوياته وأشكاله وألوانه .
وعلينا اليوم الاعتراف الصريح بأننا قد صرنا ضعافا جدا ومهزومين هزمنا أنفسنا بأنفسنا بالطول وبالعرض وبسبب هذه الهزائم المتتالية والعجز عن حل مشاكلنا وما يخلفه هذا الواقع من جراحات تتوالد كل يوم في عيوننا وقلوبنا ونفوسنا وضمائرنا فقد صار لزاما علينا أن ننحني انحناءة بكامل قامتنا وبكل ما تستطيع أن تؤديه أعناقنا من انحدار للأرض حزنا وحسرة على كبريائنا وحكمتنا ومجدنا وذاتنا المحطمة ووطننا المبتلى وأحلامنا الممزقة..
وللاعبين الرئيسيين والفاعلين في هذه المعارك الظالمة الذين – للأسف الشديد – لم يحسوا بحجم معاناة البسطاء والفقراء والمحرومين وكل من يعدون قودا لنزواتهم وخلافاتهم وصراعات مصالحهم ندعوهم بأعلى صوت لأن يأبون بأنفسهم وضمائرهم ويتخلصون من حصر تفكيرهم باللحظة التي يحبونها وحدهم والمشاهد التي يرغبون برؤيتها دون غيرهم ..
فهذا الموت الذي ينتجونه وغدا يضحك في دروب جميع اليمنيين آن له أن يموت وآن الأوان للحياة الجميلة حياة السلام والبناء والأمان أن تضحك في دروبهم وتمكنهم من كتابة أفراح أرواحهم بدلا من آلامها وأحزانها.
إن كل هذا الهدر المعاش للحياة والطاقات والأفكار والقيم والمقدرات وما يسببه من فقدان حقيقي ومهول للمناعة التي تجعل من المجتمع بأسرة أشبه ما يكون بجثة هامدة فاقدة للإحساس والوعي وكل أشكال القدرة على مقاومة الباطل والقهر والظلم والاستبداد والعصبيات والمذهبيات بحاجة للمواجهة الجادة التي من شأنها تحفيز الأمة للنهوض وعدم الاستسلام والخنوع للفوضى وللتحيزات الداخلية والخارجية ضد مستقبلنا وحقنا في الحياة وإعادة التأسيس للعقل بأوسع معنى الكلمة.