رفقا بأنفسكم وبنا¿!
الوضع الإنساني والمعيشي يزداد تدهورا كل ساعة .. الأمر ما عاد يخفى على أحد حتى أولئك الذين لا يريدون أن يسمعوا غير أصوات البنادق والقذائف وأولئك المنتشين بالأهازيج و(الزوامل) والأناشيد الحماسية¿
سأتحدث عن صنعاء وهذا لا يعني أني لا أحس بما تعانيه بقية المحافظات التي هي في الغالب تعاني ما تعانيه صنعاء .. بل ومن هذه المحافظات ما قد تفوق معاناتها ما تعانيه صنعاء (عدن).
القلب دام والأوجاع قد نالت منا, ومع إغلاق نوافذ الأمل فإن الهم يقتلنا كل يوم, والحكمة التي قيلت فينا صارت آخر ما نستجديه, فلا الساسة لديهم رؤية للقادم ولا القادة يحسون بما نعانيه, ولا ما نطلبه جميعا في الوقت الراهن صار ممكنا مع زيادة الشقة بين أبناء مجتمعنا, وزيادة على ذلك فمن يريد لنا الخراب والفتنة يمتلك كل أدوات الإغراء والجور.
يا أصحاب القرار .. يا أصحاب الصولات والجولات استيقظوا المواطن في العاصمة كمثال صار بغير وسيلة مواصلات وكهرباء والمياه بالكاد تصله وبأثمان مضاعفة .. الفران ينتقص من رغيفه وسلعته الغذائية ليس عليها رقيب ..
الموظف يسأل نفسه كل صباح عن الداعي لذهابه إلى عمله وعن ما سيوفره له الراتب الذي استقر عليه دخله, هذا الراتب صار مهددا بالانقطاع¿! أطفالنا مشردون وشبابنا سائبون يتسكعون طوال ساعات الليل والنهار¿!
النشاط الإنتاجي تحت الصفر وما تشاهدونه من حركة ضعيفة ليست إلا نشاطا لتلبية الحاجة للعيش.. يعني صرنا كالقطيع الذي يحركه الجوع والعطش!
هذه الحركة الضعيفة تذوي كل يوم لأن المواطن عند كل صباح يتنازل عن حق إنساني ومعيشي لعدم القدرة على تحمل كلفة هذه الحقوق¿!
يا عالم لا تنسوا المثل القائل (لا صاحبك عسل …. أنتم تعرفون البقية) .. يا من فقد القدرة على التوقف, أعط نفسك فرصة للاستراحة وللمراجعة لا تهلك نفسك وتهلك الأبرياء معك, أو فلتقم بواجبك تجاه من تضرر وتجاه ما تراكم من معضلات وعوائق في مسيرة الحياة اليومية.. رحمة بأنفسكم وبنا ..
صحيح أن اليمن ليست وحدها من يتعرض لمثل هذا الظلم من قبل الأشقاء والأصدقاء ولكن عليكم أن تدركوا أن من تعرضت بلدانهم وشعوبهم لمثل ما نتعرض له وضعهم أفضل منا بكثير .. أقله هناك أطراف دولية تتحدث عن مأساتهم وعن جوعهم وتشردهم.. هناك فضائيات تبث للعالم حالتهم وأوجاعهم وهناك منظمات وجهات حقوقية وإنسانية تنادي وتطالب بإغاثتهم.. وهناك منافذ بحرية وبرية وجوية لهم تسمح بوصول المساعدات وبتفقد أحوالهم.
يا هؤلاء كفى اقتتالا بيننا كفى نكاية ببعضنا البعض كفى دعممة .. كفى اتكالا على الأقدار .. فالأقدار تحتاج إلى أدوات لتحريكها في الاتجاه الصائب أو الخاطئ .. بل إن تحريكها في الاتجاه الصحيح أصعب من تحريكها في الاتجاه الخاطئ¿! يا عالم عاصمتكم مظلمة وروائح الجيف والمخلفات تزكم الأنوف.. أعطونا فسحة من الوقت لتنظيف عاصمتنا على اقل تقدير.. أعطونا فرصة للتواصل مع من تقطعت بيننا وبينهم الأسباب.
يا أحباب أحبوا أنفسكم وذواتكم وأهليكم وجيرانكم وإخوانكم قليلا .. ليس عيبا فالمحبة نعمة, والجمال صفة إلهية فيما الوحشية صفة مذمومة وقبيحة تستنكرها الكتب السماوية والهدي النبوي والأعراف والقوانين والطباع البشرية.
يا سادة يا كرام وحشيتنا تجاه بعضنا أثرها أشد وأنكى من وحشية قذائف الطائرات المغيرة على مدننا على مدار الساعة, يا أحباب أوقفوا القتل والدمار لا تجمعوا بين ظلم وجور العدوان البربري الغاشم وجلد ذواتنا وتخريب علاقاتنا الإنسانية من الداخل.
يا أصحاب القرار .. يا من يستقبل معونات الدمار عبر الطائرات التي تقتلنا توقفوا للحظة وفكروا في الفائدة التي ستجنونها ويجنيها إخوانكم ممن تتقاتلون معهم من هذه المساعدات المذمومة .. يا أصحاب الشاصات حان الوقت لمعرفة كيفية عمل المكابح, انظروا خلفكم وعن يمينكم وشمالكم, ماذا ستشاهدون, اسألوا أنفسكم هل هذا ما كنتم تودونه¿, هل هذا ما جعل الناس يرحبون بكم ويحملونكم على أعناقهم¿
فليتذكر الجميع أن اليمن اليوم معزولة عن العالم لا نظام ولا مؤسسات حكم ولا من يتحدث عنكم ممن لهم سطوة وإمكانية في تغيير واقعنا¿! تذكروا أن اليمن في وضع استثنائي (حصار وقتال داخلي وآخر خارجي), تذكروا أن لا أحد يهتم لليمن وبما يصيب اليمن وأن العالم منشغل عنا بترتيب أوضاعه وبتحصيل مكاسبه على حساب أرواح أطفالنا وخراب ديارنا.
. اسألوا أنفسكم ماذا لدينا أو ماذا بقي مما كان لدينا, تذكروا أن كل هذه الدول لديها في كل المحافل الدولية من يتحدث عن حالها ويشرحه للعالم فيما من يجب عليهم أن ينقلوا للعالم صورة مأساتنا هم من يطالبون بالمزيد من صب الحمم على رؤوسنا ويشددون على ضرورة سحقنا¿!
Aldahry1@hotmail.com