حصد الأرواح

جمال عبدالحميد عبدالمغني

أنا حزين جدا كما هو حال اليمنيين جميعا إلا من لا يمتلكون قلوبا بين جوانحهم.
لقد كانت جمعة دامية بكل المقاييس ترملت فيها الكثير من النساء وتيتم فيها مئات الأطفال وخيم الحزن على اليمن بأسره.
رأى الناس في الداخل والخارج بشاعة مناظر الأشلاء المتناثرة في بيوت الله الآمنة أو هكذا الجدوى من حدوثها وباسم من تزهق مئات الأرواح البريئة وهي تؤدي فريضة ربانية مقدسة .. (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه)..
هذا العبث اللامعقول وغير المسبوق في بلادنا الحبيبة لا يقره دين أو مذهب وتنكره شريعة السماء ويندى له جبين البشرية جمعا.
لقد تقاطر عباد الله إلى كافة المساجد المنتشرة في عموم مدن ومديريات الجمهورية اليمنية (ومنها مسجدا بدر في الصافية والحشوش في الجراف).
كما هي عادة اليمنيين استجابة لدعوة الخالق الكريم القائل في محكم كتابه العزيز: (ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) صدق الله العظيم.
لقد استجاب الناس لدعوة الخالق كما هو دأبهم فكانت العقوبة انتزاع أرواحهم وتمزيق أشلائهم وهم ضيوف الرحمن في بيته الذي يفترض أن يكون أكثر أمنا مما سواه حتى ولو لم يكن به حراسة كما هو شأن جميع بيوت الله في سائر بلاد الله.
الجميع منذهل من هول الصدمة بلاشك وتقريبا كل المكونات السياسية أدانت هذا الفعل الإجرامي لكن السؤال هو: أي فكر استطاع أن يقنع أولئك النفر بالقيام بذلك العمل الإجرامي الرهيب¿ وهل هم فرحون ومقتنعون بما قاموا به¿
ياإلهي لم أر في حياتي شيئا مقززا كهذا قتل جماعي في بيوت الرحمن حتى الأعمال الانتقامية أو ما يسمى بالثأر تنفذ ضد القاتل نفسه أو أقرب المقربين إليه أن تعذر وجود القاتل الحقيقي وهو عمل جاهلي ومدان أيضا – لكن أن يدخل شخص أو شخصان أو جماعة وفق خطة محكمة إلى بيت من بيوت الله مكتظ بالمصلين ليس لهم فيه ثأر شخصي أو قاتل أزهق روح قريب لهم وينفذون عملا وحشيا يعلمون علم اليقين أن هذا الفعل سيحصد أرواحا كثيرة بما فيها أرواح المنفذين لهذا العمل البربري.
فهذا ما لايستطيع العقل السليم تقبله إلا بإقحام أمور وفرضيات خارج حدود المنطق ألا يعلم هؤلاء حرمة النفس البشرية حتى لو كانت غير مسلمة¿ كيف سيقابلون خالق الأنفس¿ ألم يحسبوا حسابا للأمهات والزوجات والأبناء والبنات وهم يترقبون أقاربهم عند العودة بعد أداء فريضة الله¿ هل يريدون إفراغ بيوت الله من المصلين خوفا على أرواحهم¿ لا حول ولا قوة إلا بالله.

قد يعجبك ايضا