الانفعال الهدام

جمال الظاهري

من لم يدفع ثمن التغيير عليه أن يتحمل كلفة عدم التغيير.. ربما هذا هو الفصل الضائع في مسيرة التغيير في يمن اليوم.
سواء اختلفنا حول هادي أو اتفقنا فإننا بالتأكيد لن نختلف حول أدائه المزري خلال توليه أرفع المناصب في البلاد, وهذا هو الأهم في يومنا هذا, لأن ما سبق تاريخ تنصيبه رئيسا للجمهورية ليس أكثر من اجتهادات أو تخمينات, ولأن الرجل حينها كان نائبا للرئيس فإن أحسن فإن ذاك قد لا يكون من نتاجه وقد يكون نتيجة لحسن تقدير من يوجهه, وإن أساء أو قصر فإن من يتحمل وزر ذلك من هو أعلى منه ومن أمره بذلك.
ما يهمنا هو ما بدا منه عقب توليه لمنصب رئيس الجمهورية لمدة ثلاثة أعوام أجمع السياسي والمثقف والطالب والمزارع والمكونات السياسية والاجتماعية والهيئات والمنظمات وكافة شرائح المجتمع على فشله وتخبطه وعدم جدارته بتبوء هذا المنصب الهام.
حتى الخارج وإن أبدوا في بعض المناسبات مساندتهم وتشجيعهم له, فإنهم في مناسبات أكثر قد عبروا عن خيبة أملهم إزاء مستوى أدائه وما يرتكبه من حماقات, على اعتبار أنه رئيس جاءت به الظروف عبر اتفاقية استثنائية كان الهدف منها إخراج اليمن من محنته كمخرج توافقي بين المتصارعين حينها.
هذه الصدفة جعلته رئيسا مزمنا وفق خطة معدة سلفا بمهام محددة وواضحة وعليه إنجازها خلال فترة سنتين يسلم بعدها السلطة عبر انتخابات برلمانية ورئاسية يشرف عليها الداخل والخارج, ولكن الرجل استهلك الفترة الزمنية ومدد له عام إضافي لإكمال المهمة دون فائدة.. بل على العكس من ذلك فقد ذهب نشاطه وجل جهده إلى إحراق الوقت وتمزيق الممزق وشحن النفوس بالفرقة والخلافات في جميع الاتجاهات¿
أدمن الرجل السلطة في أقل من بضعة أشهر, كان هذا جليا في سلوكه وإن حاول إظهار غير ذلك من خلال الخطاب الإعلامي التضليلي, تنكر لكل شيء حتى لمن كان فعلا يريد له النجاح وأوضح وأصدق دليل على هذا الفشل  ما نحن فيه اليوم يجيب على كل ما سيخطر في بال أحدنا من الأسئلة.
نسي هذا العاق أن المكسب العظيم لشخصه ليس له غير طريق واحد وهو الدخول إلى قلوب الناس عبر الإنجاز والتلاحم وحلحلة المشاكل.. نسي أن ليس له غد إن لم يحافظ على يومه.. نسي أن لكل بداية نهاية وأن تحديد طبيعة النهايات تحددها البدايات.
هاهو اليوم في عدن بعد أن كسر اليمن ومشط الجسد اليمني بمشط حديدي نتج عنه نزيف في كل محافظة ومديرية وفي كل مؤسسة ومصلحة حكومية وثكنة عسكرية ومقر شرطة¿!
ها هو اليوم يتعلل ويبرر فشله  بعدم جدية من عمل معه وبأن هناك من كان يعمل على إفشاله وإعاقة تحقيق إنجاز هنا أو هناك, وهنا من حقنا كمواطنين أن نسأله أين حدثت هذه العرقلة أو الإعاقة¿ قل لنا عن أمر واحد سليم أردت إنجازه ووقف الآخرون في وجهك ومنعوك من ذلك¿.
يا للعجب حتى في حال فشله لا يريد أن يقر, لا يريد أن يقول لا أستطيع ساعدوني¿! ما هذا الرجل الكارثة¿ ولماذا صبرنا عليه كل هذه المدة وقد أدركنا أنه عابث مستهتر لا يهمه غير ما سيدخل خزانته وحاشيته القريبة صلة ونسبا.
كيف يريدنا أن نصدقه وهو لم يخاطبنا كشعب , أصحاب المصلحة الحقيقية يوما .. بل إنه كلما كان يظهر على شاشات التلفاز يخاطب المجتمع الإقليمي والدولي, وحين يشير إلينا كانت إشاراته مليئة بالمن والأذى والتهديد والوعيد.
كيف نصدق ما يدعيه من حرص ووطنية ووحدوية اليوم وهو يعلن من عدن أن صنعاء عاصمة (محتلة) ,ممن محتلة يا (هادي) فقدت الهدى والرشاد – كيف نصدق أنك حريص ووحدوي وأنت تسرح أبناء المناطق التي لا تنتمي إلى منطقتك في السلك العسكري, وتعزل قادة وضباطا أكفاء وفروا الأمن لعدن في أحلك الظروف وتستقدم ميليشيات من منطقتك¿ بالله عليكم هل هذا الرجل فاقد الوعي أم أنه يستخف بعقولنا ويهزأ بقدرتنا على مواجهة اعوجاجه¿
لم نطالبه بالمستحيل فنحن شعب قنوع لم نطالبه بأكثر مما التزم به, لم نقل عنه أنه غاندي أو ناصر أو …. كي نذم ونتهم بأننا ساهمنا في غروره وأوصلناه إلى مرحلة الصلف, على العكس كنا نغفر له بعد كل خطأ ونشجعه على المضي متحملين كل تبعات أخطائه القاتلة .. بل إننا اعتبرنا إنجاز ما التزم به وما أعده له الآخرون من خط سير إنجازا شخصيا له سيخلد ذكراه كرجل منقذ وستدون سيرته بأحرف من نور.
دعونا نسأله ما الذي كان ينقصك لتحقيق ولو ربع إنجاز¿ – الداخل يؤيدك والخارج أيضا, كل السلطات استحوذت عليها, لم يسألك أحد عن دخل البلاد المالي أو عن المساعدات التي تأتي من الخارج أين صرفت وكم صرف منها ولمن¿
ما الذي أعاقك يا (عاق أهله ووطنه¿) ثلاث سنوات من عمر أكثر من 25 مليون مواطن لم تسعفك لتحقيق ولو ذكرى بسيطة تحمد عليها¿! تحسن صغير في حياة من ائتمنوك¿ نسيت أم أنها أعمتك الأهواء والنزعة الدفينة للخيانة ومن ثم الهروب بما خف وزنه وغلا ثمنه¿
كان علينا أن ندرك منذ البداية أنه لكي تستطيع أن تبني يجب علي

قد يعجبك ايضا