تركيا والعرب

العبرة ليست في صور البروبجندا الدعائية ولا في المواقف “الكلامية” المعدة للاستهلاك الاعلامي بل تظل العبرة في المواقف العملية حاضرا وماضيا.
وعلاوة على كون تركيا كانت أول بلد إسلامي يفتح مكتبا لوكالة تهجير اليهود ثم سفارة لاسرائيل قبل الاعتراف بها من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكونها هي من سلم بريطانيا فلسطين وهي من وقع على اتفاقية التخلي عن العالم العربي والإسلامي (التي كانت تخضع للاحتلال التركي العثماني) وتقاسمه وتوزيعه بين دول الاحتلال  الاستعمار) الأجنبية البريطانية والفرنسية والايطالية مقابل ترك تركيا والإبقاء عليها مستقلة وبمقومات امبراطورية بعد الحرب العالمية الأولى.
علاوة على الوقائع السالفة فإن تركيا اوردغان الناهضة بسرعة الصاروخ اقتصاديا (!!) حليف استراتيجي لاسرائيل عسكريا وأمنيا وتجاريا وفي مجال الطاقة والغاز والمياه… إلخ اتفاقيات التعاون بين تركيا اردوغان واسرائيل التي لم تجمد أو تعلق أو تلغى .. ويكفي أن نعرف أن حجم التبادل التجاري والعسكري بين البلدين يتجاوز 10 مليارات دولار سنويا!!.
كما أن تركيا اردوغان في صدارة الدول البوليسية قمعا للحريات وحقوق التعبير ليس فقط بقمع الاحتجاجات واعتقال الصحافيين والناشطين في الفيس ومواقع التواصل الاجتماعي والسياسيين المعارضين وابادة الأقليات العرقية (الارمن والاكراد والدرز) فحسب بل وحتى قمع القضاء ورجال الشرطة اعتقالا وتجريدا من السلطات لمجرد تعاطيهم مع قضايا فساد اردوغان وحكومته!!.
فضلا عن دور تركيا في ادارة وتأهيل ناشطي وقيادي “الربيع” المريع وموقف تركيا اوردغان من الجماعات الارهابية في المنطقة بدءا من داعش العراق وسوريا مرورا بجبهة النصرة وبيت المقدس وغيرها مما ثبت ويثبت يوما تلو آخر دعم تركيا لها لوجستيا وفي أقل الأحوال التساهل معها وتسهيل معسكراتها على الحدود مع العراق وسوريا وتسهيل عبورها وتسللها الى هذين البلدين اللذين يخضعان لأعتى حرب تدميرية للانسان والبنيان!!.
كل ما سلف يشير إلى أن تركيا اوردغان هي رجل الغرب ويدها في المنطقة وإعدادها ودعمها اقتصاديا وبمفاعلات الطاقة النووية لأغراض صناعية ليس لوجه الله بل لتأدية دور يتكئ على خبرتها الاحتلالية في المنطقة وطابعها السني لتكون واجهة وقبلة ومحطة لإدارة الحرب “السنية- الشيعية” في المنطقة وأهدافها التقسيمية إثارة وإعدادا وتمويلا وقيادة مواجهة أيضا في حال اتخاذ الغرب قرار الحرب مع ايران بتمويل خليجي وإدارة انجلوصهيونية.
التمدد التركي اللافت في العشر سنوات الاخيرة في الدول العربية ثقافيا وتعليميا وتجاريا واعلاميا ودراميا ..إلخ واحياء الحضور التركي ترميما لقلاعها وسجونها ومدارسها السنية في الأقطار العربية ومنحها الدراسية وبرامج دوراتها التدريبية لمنظمات المجتمع المدني وإغراق الأسواق العربية بسلع ذات جودة وأسعار أكثر من منافسة (مدعومة سعريا) .. كل ذلك وغيره ليس عفويا ولا طبيعيا.
والعبرة – كما اسلفت – كانت وتظل في الوقائع العملية والمعطيات الميدانية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية لا في الواجهات الإعلامية المصممة بدقة ولا في مضامين الدعاية المعدة بذكاء والمبثوثة عبر ترسانة اعلانية وإعلامية تتجاوز عقول البسطاء !

قد يعجبك ايضا