تخاطر !
محمد المساح
لا نشتاق إلى الموتى عادة فالموتى يسكنون في مكان خفي في ذاكرتنا لا اسم له ربما كانت كلمة “حنين” هي الأقرب إلى الدقة لأنها تضع الموتى في الحياة من دون أن تحييهم فالإنسان يشعر بحنين إلى ماضيه أو طفولته أو أماكن أفتقدها لأنه غادرها.
الحنين لا يقتل موضوعه لكنه يضعه في الاستحالة أي يبقيه في منزلة هي أقرب إلى الحياة منها إلى الموت. شعورنا نحو الموتى لا يختلف عن الحنين إلى الأشياء أو الذكريات البعيدة لذلك لا نشتاق إليهم الشوق يحمل الألم والوعد أما الحنين فهو كالطيف الجميل يأخذنا إلى حيث نريد دون أن يفرض علينا شيئا.
مابين القوسين مقدمة لـ”إلياس خوري” في أحد مقالاته “عن الشوق” ومضمون العمود أو المقالة لا أستطيع إيجازه.. لأن بعض الكتاب تخاطر حين تقرأهم.. إما أن تنقل الموضوع كاملا وإلا يصبح الأمر ناقصا.
على العموم الذي أريد قوله. أن بعض الكتاب حين تقرأهم.. وأنت لا تعرفهم شخصيا.. تحس أن شيئا ما يربطك بهم.. وتظل تأمل لوجاد الزمن أو قابلتهم.. أول ما سيتبادر إلى الذهن هو سؤالهم عن هذا الأمر.. ومسألة أن هناك ودا.. تتبادله معهم رغم أنهم لا يعرفون أنك قرأتهم أولا.
ولذلك.. فهذا الكاتب الروائي.. كلما وقعت عيناي على ما يكتبه.. أقرأه وكأني سأضع عليه السؤال خلال سطور موضوعه.
ولا أدري.. ما هو سر هذا الشعور الذي يلازمني كلما أقرأ لآخرين أيضا من الأدباء والكتاب ويتبادر إلى ذلك الإحساس الغريب.. الإحساس بالصحبة والمودة كأننا تعارفنا.. عبر أزمان مضت.. أو نحن على وشك الالتقاء في الشارع.. أو عند منحنى طريق السفر البعيد.