التنمية الغائبة¿!!
احمد سعيد شماخ
احمد سعيد شماخ –
تقوم مختلف دول العالم النامي والمتقدم في تبني برامج وسياسات اقتصادية واجتماعية واضحة تصل بموجبها إلى تحقيق أعلى معدلات التنمية والنمو المستدام والى تعظيم تلك المكاسب وضمان المحافظة على نوعية الموارد المالية والثروات الطبيعية والخدمات خلال المستقبل المنظور, فأحداث التنمية والنمو الاقتصادي والتكنولوجي أصبح اليوم هو الطريق الوحيد لحماية البيئة والحد من الاستنزاف الجائر لخيراتها, واليمن هو بلد نام كغيره من دول العالم الفقير مطالبة اليوم بمسايرة ومواكبة هذه المتغيرات والتحولات الاقتصادية والتقانية لبلوغ مستوى معين من التنمية المستدامة وهذا الأمر قد صعب تحقيقه في الوجود في الحالة اليمنية رغم تلك المحاولات والجهود المتتالية على مر العقود الماضية بسبب غياب الرؤى والاستراتيجيات والخطط الواضحة التي تتكاتف فيها جهود مختلف المتعاملين والشركاء الاقتصاديين لاعتبار أن التنمية المستدامة لن يكون تحقيقها وتحديد مسارها تحديدا صحيحا الا من خلال التطرق لمختلف الآراء حول كل جوانبها والاجابة الصحيحة على معنى التنمية المستدامة وعن تحديد ماهيتها والوصول إلى تقديم تعريف واضح للتنمية المستدامة , وهذا ما يجعلنا أن نقف جيدا على مختلف التصورات لهذا المفهوم سواء من حيث التطرق إلى النظريات الاقتصادية التي يمكن أن تساهم بالتركيز على الكفاءة الاقتصادية وتشغيل النظم البيئية والمحافظة عليها أو من خلال نظرية العدالة والمواقف الأخلاقية (وفقا لخبراء التنمية) التي تحيط بها عبر التركيز على الجوانب التوزيعية لبدائل السياسات فعلى سبيل المثال ترى المفوضية العالمية للبيئة والتنمية في العام 1989م أن التنمية المستدامة تشمل ما يزيد عن النمو وتتطلب تغييرا في محتواه بحيث يصبح أقل مادية واستخداما للطاقة وأكثر عدالة في تأثيراته في جميع الدول كجزء من مجموعة الإجراءات من أجل المحافظة على رأس المال البيئي ومن أجل تحسين توزيع الدخل وتخفيض درجة الحساسية للأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلدان لذا فالوقوف على مختلف التصورات يعد أمرا مهما وضروريا في عملية التحديد الدقيق لمعنى التنمية المستدامة لأن التطور الاقتصادي هو التحديد الجيد لمبدأ التنمية المستدامة من وجهة النظر الاقتصادية والذي يفترض أن نميزه عن بقية المفاهيم الأخرى ذات العلاقة كالنمو الاقتصادي والنمو الاقتصادي المستدام والتنمية الاقتصادية ’ لذا يمكن القول أن النمو الاقتصادي يتمثل في زيادة حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي عبر الزمن ذلك لا يعني أن التنمية هي تنمية مستدامة غير أن مفهوم التنمية الاقتصادية وفقا لعلماء التنمية تعد أكثر اتساعا من مفهوم النمو الاقتصادي لاعتبار أنه يضم في طياته مختلف مفاهيم التنمية كتحسين نوعية حياة السكان وخصوصا منهم الفقراء الأمر الذي يجعل زيادة الدخل العامل الأساسي للوصول إلى هذه الغاية مثل تطوير المهارات المعرفية وترقية الحقوق المدنية والحريات وغيرها فالعالم ينقسم اليوم إلى دول الشمال المتقدم الغني الذي يمتلك كل وسائل ومقومات القوة والهيمنة الاقتصادية والعسكرية, إلى التقدم الصناعي والتكنولوجي والتقني وتمكنه من تحقيق أعلى معدلات النمو, والى دول الجنوب الفقير الذي يعاني ويلات الحرمان والتخلف والفقر والتأخر وانخفاض في تحقيق معدلات التنمية لاعتبار أن الدول الصناعية الغنية تستأثر وتتحكم بما نسبته 90% من الناتج الصناعي في العالم بل ويمتلك اكثر 85% من إجمالي النشاطات التجارية والصناعية في العالم في حين لا يتعدى عدد سكانها حدود الـ25% من سكان الأرض وليس ذلك فقط بل أن هذه الدول تستهلك عشرات اضعاف ما تستهلكه الدول الفقيرة حيث يبلغ متوسط دخل الفرد في الدول المتقدمة صناعيا ما بين 25 إلى 30 ضعفا من متوسط دخل الفرد في الدول الفقيرة باستثناء تلك الدول التي تقع في جنوب شرق آسيا والصين والتي تمكنت مؤخرا من تحقيق خطط تنموية ناجحة والى تحقيق تقدم وتطور ونمو في الجانب الاقتصادي الذي ابهر العالم أجمع رغم أن عددا كبيرا من الدول النامية الفقيرة لم تتمكن اليوم من تحقيق نسب في التنمية بل أنها سجلت أرقاما ونسبا مخيفة في خططها التنموية ومرد ذلك يعود لأسباب داخلية عدة لعل من أبرزها يتعلق أساسا بسوء الإدارة واخفاقها في استغلال وتوظيف الموارد في المقام الأول في برامج التنمية وهناك أيضا عوامل أخرى خارجية ترجع لطبيعة العلاقات المادية السائدة على المستوى الاقليمي والدولي والمبنية على المصالح والأمثلة على ذلك كثيرة في البلدان النامية والتي منها اليمن وهو ما نتج عنه من تدخل واستغلال وظلم جائر من جانب الدول الغنية لنظيراتها في