الدستور …أو التشظي ..أيهما أولا ¿¿
عبدالرحمن بجاش
في اللحظة التي قرأنا فيها أهم المواد في الدستور التونسي , أنا كتبت أن تونس بدأت تخرج من عنق الزجاجة , والنهضة تحديدا انتصرت على نفسها , وانتصرت لتونس , وتونس بدأت تعلم باقي فصول السنة أن الربيع حقيقة تظهر فيه الأزهار وتخضر أوراق الشجر , أجمل ما في الأمر أن المواد التي تضمن الاستمرار وتؤدي إلى مشاركة الجميع في صنع القرار واتخاذه , وضمانة أن تستمر العملية ولا يكسر فنجانها أحد , الزام دستوري بتحريم تغيير أي من مواده أو الغائها , لتتلاحق خطوات الوصول إلى بداية المستقبل , حتى توجت بانتخابات رئاسة الجمهورية , يعني أن الربيع أورق في تونس لتوافر شروط الاخضرار , وتعثر أن تورق الأشجار في بقية بلدان الربيع لأن الشروط لم تتوافر للتغيير , ولأن قوى أرادت أن تستحوذ على كل شيئ , لتخسر ويخسر الناس من حولها كل شيئ , ليتحول كل شيئ إلى مشهد عبثي , هنا حاولنا أن نتنفس الصعداء بإكمال لجنة صياغة الدستور عملها , لنكتشف أنه ناقص توقيع , وفي الشارع السياسي إذا صح التعبير بدأت حملة التشكيك في مضمون مسودة الدستور قبل إعلانها رسميا !!! – حسب العادة نشكك في كل عمل لإدماننا نظرية المؤامرة والشك – , الآن ومن مؤشرات نراها ماثلة للعيان أن الفرقاء سيحولون الدستور إلى مؤتمر حوار وطني جديد , إذ يبدو أن علينا أن ننتظر عاما هو العام 2015م يخوض الجميع ضد الجميع معركة عنوانها الدستور وأهدافها أخرى أهمها الوصول إلى صفقات كالعادة تحمل في طياتها عوامل تؤدي إلى صفقات أخرى , لندخل في دوامة جديدة من فترات متلاحقة ترهق البلاد والعباد وتفوز بنتائجها نخب تعودت أن تستفيد من كل شيئ يفترض أن تستفيد منه البلاد !!! , لكنني أخشى هذه المرة أن تبدأ البلاد نتيجة الإرهاق العام تتشظى وتتوه ولا نجد في النهاية بلدا بقدر ما نجد بقايا بلد لا نستطيع البناء عليه وفوقه, هل يدرك جميع الفرقاء الحالة التي وصلنا إليها ¿¿ أم أنهم مدعممون كالعادة ¿ هل يدركون أن التذاكي يودف بصاحبه في نهاية المطاف ولا (( مسبي سلم ………..)) , إن السباق الآن على أشده بين أن نذهب إلى بداية الطريق , أو الذهاب إلى حافة الكارثة , أما أن نسيد العقل ونذهب إلى مصالحة يكون بدئها التوافق على الدستور سريعا ومن ثم انزاله إلى الاستفتاء , ويتواكب مع ذلك السير حثيثا لإنجاز السجل الانتخابي , لنخرج في النهاية من هذه الدوامة , أو أن علينا أن ننتظر انفجارا لا يبقي ولا يذر , ستستفيد منه النخب , ولكن على أشلاء الناس , وعليها الآن الآن وليس غير الآن أن تختار بين مستقبل يكاد يلوح في الافق , أو تشظيا كل أسبابه مهيأة بفضل الأنانية التاريخية المفرطة , وعليهم أن يتحملوا لمسؤولية التاريخية , أما عموم الناس فقد تعودوا كل العذاب والالم , إذ لم يعد جديدا عليهم أي مصيبة وليس هناك ما يمكن أن يندموا عليه إذ لو ندموا فسيندمون على قيودهم , فيكفي أن 52 عاما معظمها مصائب , ولا بأس أن ينتظروا إلى أن يقيض الله لهم من ينقذ البلاد والعباد …..