شرف المهنة يلزم تفعيله



يمر وطننا الحبيب بمعترك سياسي واجتماعي حساس يضع الجميع في دائرة المسؤولية الوطنية وخاصة الإعلاميين الذين يمثلون حجر الزاوية التي تحرك كل المشاعر والعواطف والتي تنقل وجهات النظر وتعمل على إثارة الرأي العام بما يوافق اتجاهات مؤسساتها فالخطاب الإعلامي يلعب دورا كبيرا في المرحلة الراهنة التي تمر بها اليمن والذي ينبغي أن يكون الخطاب الإعلامي أكثر مسؤولية في نقل المعلومة بين الناس والابتعاد عن إثارة الفتن والأحقاد التي تخدم فئة معينه أو حزب أو طائفة وهذا ما أكده مجموعة من الإعلاميين العاملين في مجال الإعلام من خلال الاستطلاع التالي…

الإعلامي والصحفي محمد جسار يرى أن خطورة اللحظات الراهنة من عمر شعبنا ووطننا وحجم تأثير هذه المخاطر على الحاضر والمستقبل تفرض على الإعلاميين ووسائل الإعلام المختلفة حكومية وحزبية وأهلية أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية وترتفع بخطابها من خدمة الأهداف الضيقة والتعبير عن المواقف الحزبية إلى تبني خطاب وطني إيجابي يخدم تقارب الرؤى وتعزيز المشترك منها وتوحيد الصف وزراعة الأمل والترويج للمعالجات والحلول وليس تكثيف الإشكالات والضغط على جروح الناس مؤكداٍ على أنه يجب أن يستعيد الإعلامي ثقته بعمق تأثير الكلمة وبأنها أداة هدم وتدمير مثلما هي أداة بناء وتنوير كما يجب أن نؤمن جميعاٍ بأن الخطاب الإعلامي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون موجها للطرف الند منفرداٍ فهو ليس رسالة شخصية تتسم بالسرية بل هو خطاب للرأي العام وبالتالي فهذا الخطاب يغدو مدمراٍ وهادماٍ حينما يوصل الرسالة الخطأ للرأي العام وأخطر رسائله هي تلك المرتكزة على الشحن والتعبئة وتكريس الفرقة بين مكونات المجتمع نتيجة تكتيكات سياسية مؤقتة لكنه تصبح كارثية في المستقبل لأن من كان قادراٍ على خلق ذلك الاحتقان والشحن لن يكون بمقدوره أن ينزعه أو أن يقول أن كنت أكذب لغايات سياسية آنية .. مضيفاٍ: أن حالات الصراعات الحزبية والسياسية بل وما أعقب ذلك من صراعات فكرية وطائفية قد أغرقت نسبة كبيرة من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة في أوحالها وهذا ما أفقدها الكثير من مصداقيتها ومن قربها من الناس لأن الكثير قد سلموا قيادهم لقيادات الصراعات ومواقفهم وليس لمبادئ وأخلاقيات المهنة لكن ومع كل ما أصاب المشهد الإعلامي من فقدان لمصداقيته إلا أن وسائل الإعلام ماتزال ذات أثر بليغ في تشكيل الوعي الجماهيري ومن هنا تكمن خطورتها سلباٍ وإيجاباٍ.
وأضاف قائلاٍ: الواجب أن يستدعي كل صاحب قلم منا أخلاقيات المهنة ومبادئها التي يعرفها الجميع وأن نحتكم جميعاٍ لهذه الأخلاقيات والمبادئ المهنية وأن تخرج نقابة الصحفيين اليمنيين من حالة البيات الدائم وحالة الموت السريري لتتحمل مسؤوليتها التاريخية في ترشيد الخطاب الإعلامي واستعادة المكانة المحورية للكلمة ولوسائل الإعلام واستعادة دورها في البناء والتنوير من منطلق كونها لسان حال السواد الأعظم من الشعب وقضاياه.
مهنية وتعايش
ومن جانب آخر يضيف الإعلامي والناشط الحقوقي فهد العميري ضرورة أن يتسم الخطاب الإعلامي بالمهنية والتعايش والقبول بالآخر والابتعاد عن المماحكات السياسية والمناطقية والمذهبية وان يعمل على تعزيز القيم الايجابية وحماية السلم الاجتماعي والانتصار للوطن ومصالحه العليا وان يكون انحيازه لليمن واليمنيين وأنه لا شك لكل وسيلة إعلامية في التأثير على الرأي العام من خلال المادة التي ترسلها للجمهور ولما كانت الشائعات هي الطاغية في الكثير من وسائل إعلامنا فهي تؤدي إلى إثارة النعرات المناطقية والطائفية وتعمل على إذكاء الفتن والخلافات وتقوض الأمن والاستقرار وتضر بالسكينة العامة وتصيب السلم الاجتماعي بمقتل مشيراٍ إلى أن الجمهور فقد الثقة بوسائل الإعلام التي غاب عنها الحياد وأصبحت موجهة بما يخدم أجندة ملاكها السياسية والاجتماعية والربحية حتى أن شعار كلام جرائد صار هو الرائج ليؤكد عدم اتسام هذه الوسائل الإعلامية بالمصداقية وفقدان ثقة الجمهوري والواجب أن تستعيد الوسائل الإعلامية أداء دورها بمهنية وحيادية وبما يخدم الجمهور وينقل المعلومة الصحيحة وكشف مواطن الاختلالات للرأي العام وهذا الدور مناط أيضا بالمؤسسات الإعلامية الرسمية التي تخلت عن مسؤولياتها وتحولت إلى مجرد وسائل تلميع للأخطاء والكثير من الفاسدين على حساب قضايا المجتمع الحقيقية التي تستوجب تسليط الأضواء عليها .. كما يتوجب عليها التركيز على بواطن الإبداع وترك مساحات للمبدعين في مختلف المجالات الفنية والثقافية وغير ذلك وان تعزز القيم الايجابية بشكل عام ولعل تفعيل ميثاق الشرف الصحفي والإعلامي واتخاذ إجراءات صارمة من قبل النقابات الإعلامية والصحفية ضد كل من يسيئون لشرف المهنة ويتجاوزون قواعد وأخلاقيات العمل الصحفي والإعلامي ضرورة لا بد منها.
عامل بناء
ويشير الصحفي والإعلامي عبدالله علي النويرة إلى أن الخطاب الإعلامي في الظروف الراهنة يجب أن يكون مستشعرا للمسؤولية الوطنية التي تحتم أن يكون عامل تقريب بين مختلف الاتجاهات وعاملاٍ من عوامل البناء وإعادة الثقة بين جميع الأطراف وان يكون الخطاب الإعلامي مترفعا عن الصغائر وعاملا على عدم نشر أي شيء يسبب زيادة الفرقة بين أطراف المشهد السياسي وعليه أن يهضم عوامل التقارب ويدفن أي عامل من عوامل وزيادة الشحناء والتباغض بين أطراف الصراع السياسي وعلى الإعلام في الظروف الراهنة أن يكذب في سبيل تقريب وجهات النظر بين الأطراف لأنه من الحالات التي أجاز الإسلام فيها الكذب هو السعي للصلح بين المتخاصمين وعليه البعد عن المناكفات التي تباعد بين الفرقاء وان يكون إعلاما وطنيا 100% بكل ما تحمله هذه الكلمة المقدسة من معنى مؤكداٍ أن الخطاب الإعلامي هو المحرك الأول للرأي العام وهو الذي يعمل على تشكيله سلبا أو إيجابا من خلال النشر المتواصل حول موضوع معين حتى يصل إلى اكبر عدد من المستهدفين ثم العمل المتواصل في سبيل إقناع هذه الفئة بما يريد أن يروجه ذلك الإعلام وهذا الأمر يعتمد على الكثير من الجهد ويحتاج إلى مثابرة ومعرفة اتجاهات الرأي العام ثم العمل على إرسال الرسائل الإعلامية التي لا تصطدم بقناعات الرأي العام بشكل مباشر وإنما تسعى إلى أن تكون الرسالة الإعلامية متوافقة مع الاتجاه العام وإذا كانت تريد تغيير هذه القناعات فإن ذلك يتم بالتدريج دون الاصطدام المباشر مع هذه القناعات وهذا يحتاج إلى الكثير من الجهد وبطريقة علمية مستمرة مشيراٍ إلى أنه لم يعد هناك مصداقية في الغالبية العظمى في وسائل الإعلام المختلفة وقد أصبح القارئ عندما يسمع خبراٍ يسأل أي مصدر ظهر هذا الخبر وبمجرد ما يقال له المصدر الفلاني يهز كتفيه ويقول لا تصدقه هو كاذب وخاصة المواقع الكترونية التي أصيبت بكارثة ما بعدها تمثلت في دخول أناس لا علاقة لهم بالإعلام ويعتبرها القراء مجرد شقق مفروشة يدخلها كل من يدفع وحتى الخبر الصحيح يتم التشكيك فيه لأن القارئ لم يعد يصدق أحداٍ وكل فئة لديها (جوقة) إعلامية خاصة بها ومن يدفع أكثر يحصل على انتشار خبري اكبر ولعل عدم وجود مهنية لدى الكثير من العاملين في هذه المواقع وعدم وجود رقابة أو خوف من عقوبة أدى إلى استفحال هذه إلى درجة أصبح القارئ الحصيف يهرب من قراءتها ويبحث عن ما بين السطور في وسائل إعلامية قليلة لا زالت تحافظ على نوع من المهنية ولو بنسبة قليلة. وأن الواجب الوطني يحتم على جميع العاملين في حقل الإعلام أن يترفعوا عن الاسترواق من وسائل الإعلام وان تكون الرسالة تبني ولا تهدم تقرب ولا تنفر والواجب على الإعلاميين الحقيقيين أن يقفوا بالمرصاد لكل من يدخل الإعلام وهو ليس مؤهلا ويجب أن يكون هناك ميثاق شرف يلتزم به جميع العاملين في هذا الحقل إلى جانب ضرورة المحاسبة والمعاقبة لكل من يستخدم وسائل الإعلام بطريقة غير قانونية ويثبت كذبه وتعمده الكذب والدس الرخيص وبدون أن يكون هناك عقوبات ضد الدخلاء فإن الأمر سوف يزداد سوءا وسوف نستمر في تلقي كم هائل من الكذب والنفاق ورسائل إعلامية تساعد على تدمير البلاد وتشتيت العباد.
أخلاقيات الأداء
أما الكاتب الصحفي رشاد الشرعبي رئيس مركز التدريب الإعلامي والتنمية يرى أنه يتوجب أن يكون الأداء الإعلامي في كل وقت وحين هو الأداء الملتزم أولا بمعايير العمل الإعلامي وفي مقدمتها المصداقية والدقة والإنصاف والتحري ومعها الموضوعية في التناول والتجرد وعدم الانحياز لجهة أو طرف غير الحقيقة والمعلومات الصادقة والدقيقة احتراما للجمهور وحقه في الحصول على المعلومات وتوعيته بما يدور حوله ليتخذ قراراته الصائبة في أي شأن سياسي أو اقتصادي أو اسري أو حتى سياحي والالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفية والإعلامية وعدم ارتكاب أي أفعال أو القيام بممارسات تتجاوزها وتؤثر بالتالي على الأداء الإعلامي والالتزام بالمعايير من حيث الانحياز لطرف أو الابتزاز أو التضخيم والمبالغة أو التشهير والتجريح والتناول للأشخاص لأسباب خاصة بطريقة مسيئة مضيفاٍ بأنه في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها وطننا اليمني يفترض أن يتم الاهتمام إلى جانب معايير العمل وأخلاقيات المهنة بصورة مضاعفة بما يتعلق بمسئولية الصحفي والإعلامي عموما بمسؤوليته تجاه مجتمعه ووطنه ويعمل على أن يكون أداؤه مبتعدا عن التحريض على العنف والتعبئة على الكراهية لأسباب دينية أو قبلية أو مناطقية أو فئوية من اي نوع ولا بد أن يعمل جنبا الى جنب في إشاعة ثقافة الحب والتسامح الإعلامي والتعايش والحرص على الوطن والولاء له مع المعلومات الصادقة والدقيقة الملتزمة فمهما اختلفت مع طرف أو جماعة أو تيار أو أي كيان أو أفراد فلا معايير المهنة تسمح لي باختلاق الأخبار وفبركتها أو المبالغة فيها ولا أخلاقياتها ولا المسؤولية القانونية ونحن مع حرية الكلمة وحريات الإعلام الملتزمة تجاه المهنة بمعاييرها وأخلاقياتها والتي أيضا لا تنال من حقوق و حريات الآخرين وخصوصياتهم.
مهمة وطنية
منصور الجرادي رئيس مؤسسة وجوه للإعلام والتنمية يضيف بأنه على وسائل الإعلام المختلفة رسمية وحزبية وأهلية مسؤولة مسؤولية مباشرة في قيادة البلد نحو الأمن والاستقرار أو الانهيار والحروب والدمار فهي أداة مهمة بيد النخاسين وتجار الحروب وهي كذلك في أيدي الخيرين ومحبي الوطن وعلى هذا الأساس فأن الخطاب الإعلامي لهذه الوسائل ينبغي أن يكون مهدأ للأمور وواضعا أمن واستقرار البلد نصب عينيه وأن لا يترك المجال مفتوحا في صناعة الأزمات وتصيد الأخطاء وصناعة الإشاعات التي لا تثمر سوى الخراب. الخطاب الإعلامي لهذه الوسائل يجب أن يستند على مسلمات تتعلق بالبلد وأمن الشعب وتضع خطوطاٍ حمراء يجب أن لا يتم تعديها تتعلق بالدين والأخلاق والحرمات والسلام والأمن والحقوق. يجب أن يتبع الخطاب الإعلامي المنافسة الشريفة في الميدان لكل القوى بعيدا عن التجريح والتصيد للآخر واللعب بالحقيقة وتلوينها وتشويه الآخر وتحسين صورة القتلة والمجرمين والفاسدين وتجار الحروب. فالخطاب الإعلامي خطير للغاية اذا لم يستند إلى هذه الضوابط الأخلاقية والقانونية والإنسانية والشخصية حتى وبالتالي فهو أي الخطاب الإعلامي سلاح ذو حدين أما أن يصلح ذات البين بين المتخاصمين أو أن يذبحهم من الوريد إلى الوريد. وفي حقيقة الأمر اشك كثير بوجود حياد في الوقت الراهن الأمر الذي يجعلنا ندعو ننفخ في أبواق الخطر ونشد الهمة لتصحيح مسار الإعلام اليمني وخطابه المرتهن للمصلحة والحزب والأنانية المفرطة. يجب علينا أن نصيغ محدداٍ أخلاقياٍ يلتزم به كل الإعلاميين ووسائلهم والأحزاب والقوى الوطنية تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتجرم المجرم وترفع من شأن المصلح.

قد يعجبك ايضا