مرحى يا عراق .. ملاحظات ختامية عامة على المشهد العراقي

أ.د.عمر عثمان العمودي


 - تذكرت وأنا أكتب هذه الحلقة الأخيرة عن العراق والمشهد العراقي ما قاله المؤرخ اليوناني القديم توسيدس في القرن الخامس قبل الميلاد عندما زار مصر والع
تذكرت وأنا أكتب هذه الحلقة الأخيرة عن العراق والمشهد العراقي ما قاله المؤرخ اليوناني القديم توسيدس في القرن الخامس قبل الميلاد عندما زار مصر والعراق وسجل ما رآه من مشاهدات قائلا: “إن ما يفعله الناس في مصر يفعل عكسه أهل العراق وفي مجال الحكم وعلاقة المحكومين بالحاكم فإن المصريين في ذلك الوقت كانوا يجنحون إلى المسالمة والاستكانة والتظاهر بمظهر الخضوع للسلطة وعناصرها بدءا من العمدة وشيخ البلد الى أعلى رموز البلاد وأن أهل العراق يتميزون بروح التمرد والعنف ويتصيدون الفرص للخروج على الحكام و البطش بهم إلى حد نبش قبورهم وقبور أسلافهم”.. ولم يوضح لماذا وما هي الأسباب وعلاقة ذلك بطبيعة الحياة والمعيشة وظروف الموقع والجغرافيا ومدى تأثيرها في سلوكيات أبناء البلدين وكما أعلم فإن العراق تعاني وعلى مدى مئات السنين من عدم الاستقرار ومنذ دخولها ضمن الدولة الإسلامية لم يستطع أغلب ولاتها وحكامها من ضبط أوضاعها السياسية والأمنية كما يجب ومن الاستثناءات الموثقة تاريخيا في هذا عهد الحجاج بن يوسف الثقفي الوالي الأموي وعهد صدام حسين بدرجة أكبر من الحجاج الذي نجح في الإمساك بالسلطة بيد من حديد رغم كل التحديات من الداخل والخارج وحتى سقوط نظام حكمه عام 2003م و لمدة تقارب الثلاثة عقود من الزمن.
والعراق في وقتنا الحالي بفعل ما يسودها من فوضى وفتن واختلالات أمنية وصراع واقتتال أهلي وجهوي ومناطقي ومذهبي وطائفي هي على مفترق طرق خطيرة وخطيرة جدا وفي منعطفات رهيبة قد تقضي على وحدتها وبقاء الدولة الأم الحاضنة لكل أبنائها والحريصة على حماية أمنهم واستقرارهم والأخذ بأيديهم جميعا في طريق العزة والقوة والازدهار والسلام العام وإعادة مكانة العراق الأرض والشعب والحكم بما يليق بوجودها ودورها الإقليمي والدولي وبما يليق بتاريخها وتراثها المجيد وحضارتها العريقة فماذا نقول عن العراق وفي العراق قلعة العروبة الأمنية والعسكرية الشرقية وكتف الأمة العربية الشرقية .
من وحي ما سبق طرحه في الحلقات السابقة فهو بإيجاز كالتالي:
أ- العراق هي أمانة ووديعة بيد شعبها بكل طوائفه وألوانه إذا أرادوا بقاءها عزيزة واحدة وديمقراطية كريمة ومزدهرة أو مخربة وضعيفة ومقسمة والأمر كله يخضع لإرادتهم وعزيمتهم الصادقة ولن يأتي من الخارج لكي يحفظها لهم ويحميها منهم.
ب- لقد شبع الشعب العربي من ترديد فكرة المؤامرة الخارجية وهي رغم وجودها وصدق وجودها إلا أن من ينفذ مؤامرات الغير هم أبناء البلاد في العراق وفي كل البلدان العربية وكل شعب يحب بلاده ويتفانى في خدمة بلاده وتحصينها فلن تنجح مؤامرات الأعداء من الخارج لا عليه ولا على بلاده الغالية المترسخ حبها في عقله وفكره ووجدانه وضميره.
ج- للدول الكبرى والأكبر من الكبرى أجندات وأهداف واستراتيجيات قومية ومصلحية وتدخلها في الأزمات المحلية والإقليمية لا يتم إلا من أجل طموحاتها الخاصة والمتضرر الأول هو الشعب الذي تتحول بلاده إلى ساحة وميدان لألعاب ومباريات وصراعات مثل هذه الدول ولن يكون وجودها إلا على حساب الشعب أو الشعوب الضحية والفريسة لها.
د- إن القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا الذي يتهم بالتطرف والإرهاب والرعونة وعلى نطاق إقليمي ودولي واسع هو من الأمور المستحبة والمقبولة لمصلحة واستقرار المشرق العربي بشرط أن يتم في مدة وجيزة وأن لا ينسحب أمر تحقيقه بأية تصفية حسابات أو اضطهاد ومطاردات لأبناء سنة هذه المناطق لحساب الفئات الشيعية والأكراد ومن يحالفهم من أبناء الأقليات التي تعرضت لظلم قيادات ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
ه- إن اعادة بناء العراق الواحد الديمقراطي يجب أن يكون لمصلحة كل شعبها وعلى أساس المواطنة الواحدة الفعلية والحقيقية وعلى أساس المشاركة السياسية والإدارية الواسعة لكل أبناء العراق – شيعة وسنة وأكرادا وأقليات – من مختلف الأصول والأعراق والديانات والمذاهب.
و- يتوجب على إيران وتركيا والسعودية القيام بدور فاعل في حل مشكلات سوريا والعراق بالتوافق الموضوعي وعلى أساس الرابطة والأخوة الإسلامية بعيدا عن التعصب والمكايدات والتدخل السري وتبادل الاتهامات والدعايات والحرب النفسية بينها ومع القوى المتصارعة المحلية ومخاطر امتداد مشاكل بلاد العراق والشام إليها هو من الأمور شبه المؤكدة وكلها يمكن وصفها بالدول الموزاييك وكلها وبلا استثناء قابلة للتفجر وفيها ما يكفيها من الأسباب والمسببات.
ز- لماذا لا نسمع بوفود من العلماء والفقهاء الصالحين ومن الساسة المستقلين للبحث عن حل سياسي لمشكلة داعش فليس الحل الأمني والعسكري هو المخرج ال

قد يعجبك ايضا