الإرهاب بشقيه الاقتصادي والأمني
جمال عبدالحميد عبدالمغني
في بلادنا التي كانت سعيدة والتي أصبحت من أتعس بلدان العالم للأسف ـ يمارس ضد الشعب الصابر والصامد نوعان من الإرهاب كلاهما أخطر وأشد فتكا من الآخر وفي تقديري أن الإرهاب الاقتصادي هو الأخطر والأوسع ضررا لماذا¿ لأن آثاره المدمرة تصيب معظم شرائح الشعب المسحوقة تحديدا وتمثل هذه الشرائح ما نسبته 85 ـ 90% من سكان البلد إلا أن الضرر الأكبر يصيب 60% تقريبا وهي النسبة التي تعيش تحت خط الفقر في الوقت الراهن حسب تقارير المنظمات الأممية المتخصصة لكن هذا لا يعني أن الـ 30% التالية من السكان تعيش حياة سعيدة وهانئة.. إطلاقا هي تعاني بشدة ولكن ليس بمستوى الفئة الأولى القابعة منذ زمن من تحت خط الفقر أما هذه الشريحة والتي يمكن تسميتها مجازا بالطبقة المتوسطة فإنها في ظل الظروف الحالية غير قادرة على الادخار من دخلها الشهري بل إن حالها وصل إلى حد تقليص نفقاتها الشهرية الضرورية إلى حدودها الدنيا ـ هذا بالنسبة للأساسيات أما الكماليات فلم يعد لغالبية هذه الشريحة أي اهتمام أو قدرة على توفيرها وغالبا تضطر إلى الاقتراض القصير لتغطية احتياجاتها الأساسية خصوصا في مواسم الأعياد والمناسبات الأخرى التي تتطلب نفقات استثنائية.
إذا هذا هو حال الشعب اليمني الذي وصل إليه بسبب استمرار الإرهاب الاقتصادي والذي يشكل غول الفساد المدمر رأس حربته الموجهة نحو الشعب صحيح أن الإرهاب الاقتصادي لا يحدث ضجيجا أو دويا كالذي يحدثه الإرهاب الأمني المسلح عندما تحدث الانفجارات أو الاغتيالات ولكنه إرهاب ناعم لا صوت له بيد أنه يهلك الحرث والنسل يغتال الملايين بدلا من اغتيال فرد أو أحد أو عشرات الأفراد أو حتى مئات في أسوأ الأحوال والإرهاب الأمني المسلح أدواته مجموعة من الأفراد أجبرتهم الظروف أحيانا على الانخراط في هذه الطريق الضالة بفعل تعبئة خاطئة أو نتيجة لظروف اقتصادية أو أسرية أو بدفع مباشر من مراكز قوى فاسدة من أجل المحافظة على مصالحها.
وهذا يعني أن الإرهاب المسلح يكون نتيجة أحيانا للإرهاب الاقتصادي نفسه والأرضرار التي تلحق بالمجتمع نتيجة لهذا الإرهاب المسلح تنحصر في إتلاف بعض الممتلكات العامة كأبراج الكهرباء أو أنابيب النفط أو إخافة السبيل وقطع الطرق من أجل نهب بعض المواطنين والاستيلاء على ممتلكاتهم وإثارة الذعر في صفوف المواطنين اليمنيين أو حتى الزوار والسياح الأجانب.
لكن الأضرار التي يحدثها الإرهاب الاقتصادي كما قلنا هي كارثية وتصيب المجتمع كله باستثناء الإرهابيين الاقتصاديين أنفسهم ربما وأدوات هذا النوع من الإرهاب هم كبار التجار وكبار المسؤولين الفاسدين والغريب من الأمر أن هؤلاء الإرهابيين الأشد فتكا بالوطن يحظون بتقدير الناس ويعاملون معالمة خاصة وتشرع لهم الأبواب الموصدة دوما في وجوه المواطنين وتفرش لهم السجاد الأحمر عند دخولهم أي منشأة حكومية عجبي.!