وادي عيهفت.. درة جزيرة سقطرى ونهرها الذي لا ينضب
استطلاع/ فايز محيي الدين البخاري

بعد زيارة محمية دكسم كان لابد أنú تكون وجهتنا التالية هي وادي عيهفت الذي يقع جنوب منطقة موري التي يقع فيها مطار سقطرى. وفي أعماق تلك الجبال ومن خلال طريق شديدة الوعورة وصلنا إلى وادي عيهفت ولكن عبر سيارة لاند كروزر.. في أعماق هذا الوادي البديع تفتنك مناظره الخلابة التي تحس وكأن الطبيعة حبته بفرادة عجيبة وأنه لم يمس من قöبل البشر قط فكل ما فيه يدل على بكارته سواء مياهه أو تربته أو أشجاره الباسقة.
حين يصل الوادي من الأفضل أن يترجل الزائر عن السيارة التي يستقلها ويهبط إلى الأرض ليمشي حافي القدمين على تلك الأرض الطاهرة خاصة وهو يقطع سيلها المتدفق من أعالي الجبال المتوجة بالضباب.. إنه ماء سباح وكأنه نهر كبير لكنه للأسف يذهب إلى غير ما فائدة.
الأرض خصبة والماء وفير والجو بديع والإنسان موجود.. إذا لماذا لا توجد زراعة¿¿!! إنه السؤال الأقسى الذي يواجهك في مختلف أرجاء هذه الجزيرة العذراء التي يعيش سكانها عيش الكفاف والفاقة ومع ذلك لم يفكروا باستصلاح تلك الأراضي الشاسعة التي تتميز بخصوبة عالية قل أن توجد في أي مكان آخر من العالم خاصة إذا علمنا أنها لم تزرع من قبل بتاتا ما يعني أنها لا تزال تحتفظ بكل الأملاح والمقومات الكفيلة بإنتاج أفضل الثمار.. فقط لöيشمöروا عن سواعدهم ويزرعون!
وتشاء الأقدار أنú تكون هناك دورة تدريبية لموظفي ومذيعي إذاعة أرخبيل سقطرى ويكون معهم الزملاء عبدالله الشرفي مدير عام الإذاعات المحلية بالمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون ونائبه الزميلة المذيعة بإذاعة صنعاء انتصار نعمان والزميلة الصحفية ذكرى عباس وقد التقيت بهم في إذاعة سقطرى حيث أجري معي لقاء إذاعي تحدثت فيه عن انطباعاتي عن الجزيرة وما شاهدته من أشياء فريدة ومبهöرة وعن ما تحتاجه الجزيرة لتكون الوöجهة السياحية الأولى في المنطقة والعالم العربي.
وقد نوينا الذهاب إلى وادي عيهفت في تلك الزيارة مع الزميلتين العزيزتين (ذكرى عباس) و (انتصار نعمان) وحين وصلناه هالنا جميعا ذلك الوادي البديع بتفاصيله النادرة وألوان الشمس التي كانت تتشكل مع الضباب والمياه والخضرة كأحلى لوحات تشكيلية ترسمها يد فنان موهوب.
كنا مستغربين أن مثل هذا الجمال الرباني في بلادنا ونحن لا نعلم عنه شيئا ويذهب الكثير منا إلى دول عربية وأوربية لقضاء عطلة في بلاد لا يوجد فيها ربع ذلك الجمال وتلك الطبيعة البكر النقية!
لكم صببنا سخطنا على الأنظمة والحكومات المتعاقبة التي تغفل مثل تلك الجوهرة ولا تجلوها وتكشف محاسنها لأهلها وللآخرين.. كنا مبهورين ومستمتعين بتلك الأجواء وفي نفس الوقت ناقمين على الدولة التي أغفلتها وأهملتها عمدا وعدوانا في الوقت الذي بإمكانها وبإمكانيات قليلة أنú تجعل منها وجهة سياحية أولى.
ولجنا إلى أعماق النهر الجاري الذي يسحر بصفائه وعذوبة مائه الألباب خاصة حين تنعكس عليه أشعة الشمس راسمة صورا للأشجار الباسقة وبعض الجبال المتوجة بالضباب.
جلسنا على حافة النهر المتدفق وأقدامنا حافية تغسلها التيارات المتدفقة من تلك المياه العذبة نستجلي بأبصارöنا روعة المكان وسحر طبيعته كان على ضفاف النهر من الجهة المقابلة لنا مسجد حديث يقبع بشكل بهي وهو يكحöل أجفانه بمنظر النهر المنساب وكم هو مشوöق للصلاة فيه والاستمتاع بمنظر النهر من نوافذه!!
وفي الجهة الأخرى منه كانت هناك بساتين لأشجار ليمون وبعض الحمضيات يتسلقها الأطفال ويعبثون بأغصانها وثمارها ويأتون لنا ببعضها. غامرتú إحدى الزميلتين بتقليدهم في محاولة قطف ثمار الليمون وإذا ببعض النسوة يأتين لمساعدتها فكانت فرصة للحديث معهن عن طبيعة العيش والعمل اليومي للأسرة السقطرية وأثناء ذلك كنت ألتقط صورا لتلك النسوة بثيابهن السقطرية الفريدة والبديعة دون أنú يشعرن بما أقوم به حيث ألتقط الصور دون فلاش.
بعض الفتيات درسن الصفوف الأولى في المدارس الأساسية والبعض لا يعرفن من الحياة غير المكوث في ذلك الوادي والسكن بتلك الأكواخ البسيطة التي لا يغادرنها إلا فيما ندر وقد تموت إحداهن بعد عمر طويل وهي لم تبرح قريتها أو واديها أبدا.
هناك فقط تذكرت استطلاعا مترجما نشرته مجلة الفيصل السعودية عام 1995م عن سائح أوربي زار سقطرى عام 1975م وكتب عنها كأنه يكتب عن مكان وناس في القرن العاشر قبل الميلاد ولكن حين يكون المرء في سقطرى يعلم أن ذلك السائح الأوربي لم يجانöب الصواب أبدا.
قضينا ساعات جميلة في أحضان وادي عيهفت ذي المياه المتدفقة والأشجار الكثيفة والطيور النادرة نتملى بطبيعته الساحرة ونكحل عيوننا بمناظره البديعة وتداعب خدودنا نسيماته الباردة وتعطöر أوجهنا وتطريها رطوبة الضباب ال