أعيدو لليمن بسمتها!!

فتحي الشرماني


 - الكثير من النخب لا تعاني نقصا في الوطنية, ولكن الذي يحدث أن حسابات السياسة تأخذهم لا شعوريا بعيدا عن مقتضيات الارتباط بالجماهير وأولوياتهم, فيصبح أمر مثل الوصول إلى حكومة
الكثير من النخب لا تعاني نقصا في الوطنية, ولكن الذي يحدث أن حسابات السياسة تأخذهم لا شعوريا بعيدا عن مقتضيات الارتباط بالجماهير وأولوياتهم, فيصبح أمر مثل الوصول إلى حكومة شراكة هدفا صعب المنال, ويقف دونه جدل واسع يتخلله شد وجذب وجزر ومد في مرحلة يعرف الجميع أن التأخير فيها يسمح باتساع رقعة الخلاف ودخول مؤثرات جديدة على خيارات النخب السياسية, والأهم من ذلك أن تعقد الحلول السياسية ينعكس بالضرورة على الواقع بكل مستوياته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية, لأن أداء مختلف أطراف العمل السياسي هو ترمومتر الوطن, فبدونهم تعم الفوضى, وبالشقاق فيما بينهم تعم الفوضى كذلك.
ونحن اليمنيين لسنا جهالا بما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين النخب والجماهير, بل إننا أصحاب حضارة تمتد إلى ما يزيد عن ألف عام قبل الميلاد, وعرفنا الدولة ونظام الحكم ومسؤوليات السلطة, والحقوق المتبادلة بين الحاكم والمحكوم, وفي عصر ما قبل الإسلام جاء الشاعر اليمني الأفوه الأودي بخطابه السياسي النادر الذي قدم رؤية سياسية متطورة نحن بحاجة إلى أن نعيها اليوم ونعمل بها, خصوصا أنها من تراثنا ونتاج حضارتنا .. لنستمع إليه وهو يقول:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إöذا جهالهم سادوا
تلفى الأمور بöأهلö الرشدö ما صلحت فإöن تولوا فبöالأشرارö تنقاد
إöذا تولى سراة القومö أمرهم نما على ذاك أمر القومö فاöزدادوا
إن شاعرنا يضع أمام النخب (سراة القوم) مسؤولية توحيد الصف وجمع الكلمة وإذابة التباينات لقيادة الوطن نحو الأمن والسلام والنهوض, وبدون وعي النخب لهذه المسؤولية تبقى الأوضاع مرشحة لسيادة الفوضى وتبديد الطاقات الوطنية في معترك الخلاف والأزمات التي تضعف الوطن أمام مختلف الأخطار التي تهدده.
ومن هنا فإن نخبنا السياسية مدعوة اليوم إلى النظر في انعكاسات الاضطراب السياسي على الواقع وعلى نفسيات الجماهير, وهي لا تزال في طور البحث عن توافق لتشكيل الحكومة المرتقبة.
لا شيء يمنع من أن تكون حكومة كفاءات يجري فيها إعمال مبدأ التخصص والخبرة بعيدا عن أي اعتبارات سياسية, ولكن يبقى إنجاح هذه الحكومة وتسهيل مهامها مسؤولية مشتركة بين الجميع, ولا يستطيع أحد أن يتنصل من هذه المسؤولية وإن ألقى بها إلى ظهر الآخر, فالانكفاء والتوجس والتململ ليس من الوطنية في شيء, خصوصا أن الوطن اليوم في مرحلة صعبة,ولن يخرج من عنق الزجاجة إلا باستشعار جميع النخب السياسية مسؤوليتها أمام الجماهير والعمل بما جاء في اتفاق السلم والشراكة من محددات للاستقرار المنشود واستكمال ما تبقى من استحقاقات المرحلة الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
فهل لكم أن تقفوا دون دبيب مزيد من اليأس إلى نفوس الناس ببقاء هذه الحالة غير الطبيعية واستحالة الخروج منها لا قدر الله¿ لقد كان أكثر ما يميز اليمن أنها تصر على الابتسامة وهي تعاني ما تعاني من مظاهر الاختلال والتقهقر .. فهل لكم أن تعيدوا لهذه الجميلة بسمتها وروعة صباحها وإشراقة محياها¿

قد يعجبك ايضا