جهيش محاجين وسبول ..

عبدالرحمن بجاش


 - 
محمد أحمد عبدالرؤوف وعبدالرحمن فيصل وحميد وقصي ماجد واقرانهم , الأول قدم من صنعاء , والثاني من عدن والباقي في القرية اصلا , اعادوني إلى طفولتي حين اقدموا على قطف

محمد أحمد عبدالرؤوف وعبدالرحمن فيصل وحميد وقصي ماجد واقرانهم , الأول قدم من صنعاء , والثاني من عدن والباقي في القرية اصلا , اعادوني إلى طفولتي حين اقدموا على قطف بعض من السبول , ومحاجين الذرة , وانتحوا جانبا يشوون على لهيب النار ما جمعوا على أصوات النسوة محتجات على الغزاة القادمين من المدن اعتداءهم الآثم على اراضيهن , لكنهم مثلنا استمتعوا بالصياح والتأنيب ما زاد طعم الجهيش في افواههم لذة لا تساويها الا طعم ماء وردة (( علان )) البنفسجية التي أول ما رأيت أحداهن مرمية على قارعة الطريق حتى وثقتها بعيني ثم بعدستي , وسجلتها بلقطات وباقة منها في أيدي حميد وقصي أجمل واروع الصغار في قريتي , وأن كان قصي في اليومين الأخيرين لنا هناك قد أعلن حزنه الشديد على ثلاثة ارانب ذكور قضت نحبها في ((الديمة)) التي هي بيتهن كما كنا نبكي صغار كلابنا!! , فلم يدري ما السبب وقد كان فرحا بهم حد العشق, لا ادري كيف رحت أذكر عمي بالكلب الذي جلبناه ذات مساء من قرية الوجد المجاورة ومن خوفي وصاحبي عليه أخفيته في حقيبة ملابسي – تصورو – ليفضحني ليلا صوته العالي ليقوم عمي بالبحث عن مصدر الصوت , ليحول ليلي إلى نهار , لأفقد كلبي ذا اللونين الأبيض والأسود !! , رايت طفولتي وراحت بي الكاميرا في فلاش باك إلى أيام خلت كانت واحدة من ذوي القربى تاخذني معها إلى المرعى حيث نلتقي بالآخرين , وحين ينتصف النهار ترانا نجتاح الاحوال والشعاب نلقط المحاجين والسبول والغرöبú , في رحلتي أيام العيد إلى العيد الذي أسمه قرية كررت ذات المشهد ناقصا صراخ اهلاتنا فبياض شعري اجبرهن على الصمت احتراما , عدت مع اقراني إلى أيام طفولتنا , فتجمعنا تحت شجرة كبيرة وافرة الظلال وتنادينا كما كنا نفعل (( يا عيال هيا نجúهöش )) , ولم اتنح جانبا في أنتظار ما سيفعلون , بل هبيت بينهم بل قبلهم وذهبت لاجمع ((القشاوش)) الجافة , وغيري انتشر في الاحوال القريبة يجمع كمية من المحاجين والسبول وفي صبح آخر ((الغرöب)) , اشعلنا النار وتجمعنا حولها , لنشم عرف الدخان وتنهمر الدموع من عيوننا بسببها , ونحن نرمي بالعيدان اليابسة إلى النار لتاكلها , لناكل نحن جهيشنا , لحظات ليس لها نهاية من النشوة والشجن لأيام خلت , حيث استعدنا ألقنا , طفولتنا , وأيام ما كان لها أن تتكرر إلا في أحضان قريتي العفيúفú كدرة قدس حيث تلونت الأرض سهولها, وهياجها ,وضياحها, وسهوبها, واكتافها, وآكامها, بخضرة لا تجللها سوى الغمام أن هبت حين يزأر البحر سحابات بيضاء تسر القلب وتترك حسرة انك لا تستطيع ان تلف خضرتها وبياضها في شنطتك لتحتفظ بها اينما تتجه !!, لحظات سرقناها من العمر واسúتأذنا بياض الشعر أن نعود إلى الوراء ما استطعنا لنعيش أياما بين الجهيش, وخمرة خدود الجبال ,غمزات البرق تزرع الرهبة من فاحشة الجمال الإلاهي حيث كنا , الجهيش حياة حقيقية حيث يكتمل الخلق ابتداء من ذلك الصوت الذي يحدثه انحناء المحجان بعد أن يكون عصا مستقيمة – سبحان الله – , أكتشفها العم درهم قاسم , كان يمر وحده ليلا في أسوام الاحوال التي بين قريتينا , وظل يسمع تلك الأصوات ليظن أنها للجان , ليكتشف أنها لسيقان الزروع حين تصل إلى ارتفاع معين فتنحني محدثة صوتا لتتحمل محاجينها !!! , عملية تكوين تبتدأ بوضع البذرة , يرعاها البتول , ثم النسوة يحافظن على نموها كما يحافظن على عيونهن , تكتمل العملية في افواهنا حبوب جهيش نتمناه في حياتنا الآن وسط هذا ((الجحر)) الذي يبدو انه بلا نهاية , لكن الثقة باننا سنرى محاجيننا أملا لن يموت في النفوس , فكلما تعهد الزارع زرعه وجنى , سنجني الثمر بقدر حناننا على زروعنا , ……هي عملية خلق يبدعها الخالق في شتى مناحي الكون والوجود ……أين الانسان فقط يحب الزرع والضرع ويعمر الأرض …..

قد يعجبك ايضا