شركات النفط والجينات.. والجوع
محمد المساح
* إن إستملاك بذور العالم إستملاكا تجاريا بعد أن كانت يوما ما ملكا عاما للبشر جميعا في أقل من قرن من الزمن يمثل أحد أكثر التطورات أهمية في العصر الحديث فمنذ قرن من الزمان كان مئات الملايين من المزارعين في كوكبنا يملكون ويتحكمون بمخزونهم من الحبوب يقايضون بحرية تامة مع جيرانهم وأصدقائهم أما اليوم فإن معظم مخزون الحبوب قد زرعته وهندسته وسجلت براءات إختراع شركات عالمية وجعلته ملكية فكرية لها.
ويعتمد المزارعون الراغبون في زراعة ما سيحصدونه مستقبلا إعتمادا متزايدا على الوصول إلى هذه الشركات ليدفعوا لا رسما معينا مقابل ماكان قبل فترة وجيزة ملكية عامة.
” جيرمي ريفكن.. مفكر إقتصادي أمريكي”
* رصدت شركات النفط العالمية مثل “بي بي” الأمريكية و”دي ويلز” البريطانية مئات الملايين من الدولارات لتعديل الدورات الزراعية في العديد من البلدان الأفريقية وذلك بهدف زراعة نبات “الجاتروفا” كبديل عن زراعة القمح والذرة خاصة وأن هذا النبات أثبت قدرة فائقة على توليد الطاقة البديلة للبترول.
هذا ما جاء في تقرير وبيانات أصدرتها الأمم المتحدة.. ولأن العالم يواجه أزمة غذائية خطيرة بسبب التوسع في تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي وحيث تشير الدراسات إلى أن عدد الجياع في العالم فأق المليار نسمة يموت منهم نحو “15” مليونا سنويا بسبب عدم توفر الغذا وهذا العدد قابل للزيادة خلال الفترة القليلة القادمة.
* وهكذا فإن الشركات النفطية العالمية توجه مشاريعها المالية إلى مزارعي دول العالم الثالث ليس بغرض المساعدات أو تحسين الأساليب الإنتاجية ولكن بهدف تشجيعهم على زراعة القمح وحصد سنابله قبل النضج وذلك بغرض إستخدامها في توليد الوقود الحيوي ليس هذا فحسب بل إن بعض الحكومات وقعت على التوسع في زراعة نبات “الجاتروفا” على حساب محاصيل الحبوب لتلبية إحتياجات الدول الكبرى لاستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي.