أحــرار لا يـــزالــــون أحــياء!!
هاشم عبدالحافظ
بالتزامن مع الذكرى الـ(52) لثورة 26 سبتمبر 1962م وللمرة الثانية تفاجئنا بعض الصحف المحلية بكتابات عن سير بعض الأحرار والمناضلين ومنهم من لم توثق أدوارهم القتالية والتنويرية سابقا هي كتابات لها معان ودلائل ذكرتنا بأبطال قاموا بواجبهم التنويري نحو أبناء شعبهم وتعريفهم بأسباب جهلهم وفقرهم ومرضهم بل مظالمهم وعجزهم عن ردها وتحسين معيشتهم وعلاج مرضاهم وأمراضهم .. فبفضله تعالى ثم قناعة أناس كثر أيضا قاموا بواجبهم بما يرضي الله وذواتهم حتى أقنعوا غيرهم بقدراتهم على تجاوز معاناتهم وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات وكذلك التهيئة الاجتماعية والثقافية لإيجاد مقومات حياة أفضل في مناطقهم الريفية في الشمال والجنوب من الوطن بل ومهجرهم . وبهذا السلوك المستقيم والإخلاص اللامتناهي في إصلاح حال الإنسان نفسه وإصلاح غيره وكذلك ممارسة التنوير الثقافي بين الناس لإكسابهم المعارف بالذات التاريخية لأهميتها في التغيير الاجتماعي والسياسي استطاع أجدادنا أن يغيروا في أحوال حياتهم وإصلاح غيرهم . فالبعض ساهموا في جمع وإعداد معلومات وترتيبها ثم إصدارها في دراسات أو كتب كما فعل أخو الفقيد/ عبدالغني علي أحمد الذي كان الإمام المتوكل قد اختاره مترجما لوفد المملكة المتوكلية اليمنية إلى مؤتمر دول عدم الانحياز وكان برئاسة الأمير الحسن بن يحيى محمد حسن حميد الدين الرسي والمنعقد بمدينة باندونج اندونيسيا عام 1955م.
وذات يوم قرأت ثانية مقالي أحرار لا يزالون أحياء وأنا أتفكر فيه لاحظت أنه غير مكتمل ثم سعيت بحثا عن معلومة لسد النقص وذلك باستكمال الجزء الأخير منه ربما يكون فيه إنصاف من طمست أدوارهم التنويرية الثقافية والنضالية من الرعيل الأول الذين جاهدوا حق جهاد بأموالهم وأنفسهم من أجل تغيير نظام الحكم الفردي المستبد في شمال اليمن وطرد الاستعمار البريطاني من جنوبه .. ومن كتابات وأحاديث يمنية استنبطت أن رفاق المناضل /أحمد عبده ناشر العريقي وصفوه بـ ( المجاهد الأكبر) وأنه أعد مطالب الأحرار الـ (40)مطلبا أواخر ثلاثينيات القرن الماضي ومن أعد مسودة قواعد دستورية مكونة من (40) قاعدة و لوحظ أنه أعد الأخيرة إثر زيارته لكل من عدن وتعز , وبتعز اليمنية (( التقى بالقاضي محمد محمود الزبيري في منزل الفقيد المناضل الشيخ / جازم الحروي عام 1944م , واستطاع إقناع الزبيري بالانتقال إلى عدن وتكفل بنفقات هروبه وسفره وإقامته باعتبارها مهيأة للعمل السياسي والاجتماعي المنظم .. والفقيد أحمد العريقي عمل مع كل من المناضلين الأستاذ / أحمد محمد نعمان والقاضي / محمد محمود الزبيري على تأسيس حزب الأحرار الدستوري بعدن عام 1944م وثم تحول إلى الجمعية اليمنية الكبرى عام 1946م (بعد أن رفضت الإدارة البريطانية منحه ترخيصا لأنها تمنع تأسيس الأحزاب الوطنية).
أيضا أشترى من ماله مطبعة حديثة وضعت في إحدى عمائر مدينة عدن- كريتر – لطباعة صحيفة ( صوت اليمن ) والمنشورات الداعمة لنضال الحزب وحركة الأحرار وأعرب عن مساندته للنعمان والزبيري حتى يتحقق هم الحركة(( نظام الحكم ملكي دستوري)) في ذلك الوقت.. وفي سياق حديثنا هذا لا ننسى ذكر دعمه لشيخ الإصلاح / عبدالله علي الحكيمي الذي استقر مؤقتا بمهجره بمقاطعة – كارديف – البريطانية ليواصل نشاطه الدعوي والتنويري الثقافي وإصدار صحيفته (السلام ) باستمرار لأهمية دورها في نشر الوعي النضالي بين المغتربين اليمنيين في مهاجرهم فكان لدعمه أثر فاعل في نفوس قادة وأعضاء حركة الأحرار الوطنية بل ازداد أثره فعلا في نفوسهم بعد سماعهم بالجهد المبذول للتأسيس الحركة الوطنية من المهاجرين اليمنيين الذين حضروا الاجتماع المنعقد في مهجره الحبشة ونتج عنه قرارات تاريخية منها ترؤسه الحركة .. ومثلت قوة دافعة لاستمرار جهاد قادة وأعضاء الحركة الوطنية ضد النظام الأمامي في الشمال والحكم الاستعماري البغيض في الجنوب .. )) (1) .
ومن قراءة مسودة وثيقة أصلية وصور كتابات كنت قد حصلت على أجزاء منها من نجل أحمد عبده ناشر العريقي والمهندس عبدالرحمن إلتقيته صدفة بفناء وزارة الثقافة أثناء خروجه برفقة الأستاذ / محمد لطف غالب مستشار الوزارة رئيس تحرير مجلة الإكليل تجاذبني أطراف حديثهما مما دفعني لاستفسار المهندس عن إمكانيات تزويدي بمعلومة عن والده كقامة من القامات المطموسة أدوارهم الكفاحية والتنويرية الثقافية إلا ما ندر كما في رثائيات بعض رفاقه في أربعينيات الفقيد العريقي الذي وافته المنيهب صنعاء في 12/ ديسمبر 1996م وتأكد لي أن الفقيد هو الذي كتب القواعد الدستورية التي مثلت الأساس للميثاق المقدس