عيد “وايرلس”!þ

أحمد غراب


وعاد العصفور إلى عشه.
ما أجمل العيد في الريف والقرية والمطر والشجر والسواقي والحقول.
هنا أقضي العيد في وادي بنا أكحل عيني بمنظر شلال وادي بناء وهو يتدفق من بين الوديان والأشجار الكثيفة .
نصحو قبل أن تستيقظ العصافير þوالكباش ونستنشق نسائم الهواء الباردة المنعشة þوالدنيا غبش ثم نتسابق إلى مصلى العيد في القرية þوهو مكان على الطبيعة يقبع بين الأشجار على تلة þمرتفعة يتوافد إليه الجميع من عدة قرى ومن þيصل يقف في دائرة كبيرة ليستقبل بالسلام من يأتي þبعده وقبل أن تبزغ الشمس تتحول الدائرة إلى þصفوف للصلاة ثم يجلس الجميع لسماع خطبتي þالعيد. في تلك الأثناء تبسط الموائد تحت الأشجار: þþ”فتوت ولبن” “سبايا” “سوسي” ممزوج بالعسل þالبلدي وبسمن بلدي لو شمه كافر قلبه حجر لأسلم. þ
þ بعد ذلك يتفرق الناس إلى “عوادة” (زيارة) þأرحامهم في منظر بهيج للتكافل الاجتماعي þالحقيقي وصلة الرحم في أبهى صورها حيث þيحرص كل أب على اصطحاب أولاده معه وكأنه þيعطيهم دروسا في خلق الرحمة والتكاتف والتعاطف þوالإحساس بالآخرين ومد يد العون إليهم وتذكرهم þبالكلمة الطيبة. þ
þ العجيب فعلا هو الفرحة التي تبدو على وجه من þتعودهم في العيد فأختك أو خالتك أو عمتك أو þجدتك أو… أو… التي تزورها تشعر بفرحة غير þعادية. ومازلت أذكر مشهدا مبكيا لأحد أصدقائي þزار جدته العمياء في العيد فأخذت تقبله وتدعو له þوتهتف بالصوت العالي: “جيتك تساوي الدنيا”. þ
þ مع الأسف الشديد أن المدنية وما يسمى “التحضر” þأفسدا علينا كل شيء بما في ذلك العيد حيث أصبح þمجرد تحصيل حاصل وظهرت عادات باردة مملة þجعلت من العيد رياء اجتماعيا بحتا ومنها:þ
أولا: ناس بطلوا زيارة أرحامهم ويكتفي الواحد þمنهم بإرسال مبلغ من المال من باب إسقاط الواجب þوكأنه يتصدق على شحاتين في جولة أو ما شابه.þ
ثانيا: كثيرون اختزلوا العيد في الرسائل أو þþ”المسجات”. ويا ليت أنها رسائل تلقائية تحسس þالواحد أنه المقصود! المشكلة أن كل واحد يأخذ þرسالة جاهزة ويرسلها لثلاثمائة نفر من باب تأدية þواجب بل إن هناك من يرسل لك رسالة بايتة منذ þخمس سنوات على شكل سجع يشعرك بأنك تبيع þمسابح في سوق عكاظ. وآخر يرسل له صاحبه þرسالة وبدوره يرسلها لك ناسيا أن صاحبه أرسل þلك الرسالة نفسها التي وصلت إليه!
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.
اللهم ارحم أبي وأسكنه فسيح جناتك وجميع أموات المسلمين.