تجارة الفوضى

أحمد غراب


كلما حركت اليمن قدميها وحاولت أن تنهض ضربوها وأقعدوها مرة أخرى.
باختصار شديد هناك من لايريدون أن تقوم للدولة قائمة وأن تستمر معاناة الشعب لتتجاوز كل الحدود وان تصل الأمور إلى المزيد من الفوضى والاضطراب والتقهقر.
أطراف ليس من مصلحتها وجود حكومة قوية وجيش مسيطر ومتوحد وشعب واع.
كلما أشعلوا نارا للفتنة وانطفأت أشعلوا فتنة أخرى.
تهدأ في الجنوب فيشعلونها في الشمال ضربة هنا وأخرى هناك وأحيانا يتزامن إشعال الأوضاع في أكثر من محافظة لخلق اكبر حالة من الإرباك.
عندما تصبح الضربة مزدوجة يحدث ما يحدث في اليمن نوعان من الصراعات تجعل اليمن بحرا لجيا مضطربا ومشاكله أمواج عاتية : أطراف خارجية متصارعة تنعكس أثار صراعاتها على اليمن من خلال وكلائها وأطراف داخلية متنازعة تظهر التوافق وتبطن العداء وعلى حين غرة تجهر بالعداوة وتقلب الطاولة على من فيها.
ماذا يعني وجود يمن قوي ومتوحد ¿
يعني لا صوت يعلو على صوت القانون لانافذ ولا حزب ولاجماعة ولا مسؤول ولا غيره.
يعني لا سلاح سوى سلاح الجيش اليمني ولا جيش سوى جيش الدولة.
يعني محاسبة الفاسدين والنافذين.
يعني توقف المحاصصات والتقاسمات والتعيينات بدون معايير في الوظيفة العامة للدولة.
يعني دولة مؤسسات لا مكان فيها للمزاحات الحزبية ولا للمظاهر المسلحة ولا للاستقواء بالخارج .
وجود يمن ضعيف مفكك هو حجة كبرى تمنح الفاسد صكا للاستمرار بفساده وتمنح المتصارعين صلاحيات للحفاظ على مصالحهم وتنميتها وتعطي لكل الأطراف المسلحة ذريعة لاستمرار تسلحها بحجة عدم وجود دولة قوية قادرة على فرض سيطرتها.
عندما تلتقي كل تلك المصالح داخلية أو خارجية على ضعف اليمن يستمر الحال من سيئ إلى أسوأ منه.
لذا الحل كان ولايزال وسيظل في وجود دولة قوية تفرض سيطرتها بحزم على كل شيء وتؤسس لدولة مدنية مبنية على العدل والمساواة.
باختصار تجارة الفوضى والحروب أصبحت التجارة الرائدة في المنطقة العربية حاليا وهذه النوع المدمر من التجارة له فروعه الإقليمية المرتبطة بفروعه الداخلية وهذه التجارة لم تبدد الاستقرار داخل كل دولة فحسب بل بددت استقرار المنطقة وإن كانت الأطراف اللاعبة تحتفظ بقوتها إلا أنها تخسر الكثير من القلق والجهود والأموال للحفاظ على توازن الفوضى لا أقول الاستقرار.
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم ارحم أبي وأسكنه فسيح جناتك وجميع أموات المسلمين