الناشئة من أهم ركائز التنمية .. كيف نحافظ عليها وننميها ¿!
د/عبد الله الفضلي
تمثل شريحة الأحداث والمراهقين في المجتمعات البشرية نسبة كبيرة في تركيبة السكان في أي دولة ولا نبالغ إذا قلنا أن هذه النسبة قد تصل أحيانا إلى 60% من السكان .
وطالما أن الحالة هذه فلابد أن تكون هناك حالة استنفار دائم لإصلاح وتقويم هذه الشريحة من المجتمع التي ستكون يوما هي من يعول عليها قيادة المجتمع في المستقبل .
ومن ركائز خطط التنمية أن ينهض المجتمع على هذه الشريحة . فالتنمية البشرية لها جوانب مختلفة وحينما تكون ناشئة في أي دولة صالحة فإننا سنضمن للشعوب والأمم الأمجاد التليدة من الأجيال ولذلك فإن التصدي لكل ما من شأنه جنوح الأحداث والمراهقين إلى مهاوي الردى والتفكك والانحلال ومن ثم تصبح هذه الشريحة من المجتمع حجر عثرة في هياكل الخطط التنموية فمن هذا وذلك كان لزاما علينا أن نوجد طريقة نحمي بها هذه الشريحة من السكان ولكي نجعل من هذه الناشئة معاول بناء في السلم الحضاري فإن الاستثمار بهؤلاء الناشئة يحب أن يسبق الاستثمار في الجانب الاقتصادي لأن عناصر الإنتاج الاقتصادية يأتي على رأسها العنصر البشري الذي من مهامه تحريك عجلة الإنتاج الاقتصادي. إن الاستثمار في العنصر البشري عن طريق تهذيبه وتقويمه يكفينا مؤونة أمور كثيرة ومنها حماية الأمة من مزالق كثيرة وحماية الأحداث أنفسهم من الضياع والولوج في دهاليز الحياة المظلمة , إذا فإن على جهات الضبط الاجتماعي لهؤلاء الناشئة (البيت أو المدرسة أو الجامعة) مسئولية عظيمة تجاه هؤلاء الناشئة حيث إنهم في حاجة ماسة إلى مضامين تربوية وفكرية يبقى أثرها على الناشئة زمنا طويلا .
إن من يقوم على عاتقه إصلاح الناشئة وتهذيبهم وتقويم سلوكياتهم ينبغي أن تكون من خلال التعاليم الدينية والتربوية ولا تكون وقتية سرعان ما تنسى من عقولهم ولا تؤثر فيهم بحيث تعطى لهم هذه القيم والسلوكيات والتهذيب بما يتناسب مع سني عمرهم وتطور أفكارهم , وتأتي المكتبة المدرسية في مقدمة هذه الوسائل التي تعمل على غرس القيم الدينية والأخلاقية وحب القراءة وتنمية مهاراتهم حتى يمروا بمرحلة المراهقة وقد اكتسبوا الكثير من العادات والتقاليد والأعراف الحسنة .
إن علماء التربية قد أجمعوا على أن الحدث الذي لا يمر بمرحلة المراهقة السوية هو شاب غير سوي وسوف يتحسر في إحدى مراحل عمره على أنه لم يخضع لتقويم سلوكه أو اكتسابه المهارات والخبرات التي تجعله شابا سويا .
ولذلك فنحن ندعو مؤسساتنا التربوية والاجتماعية أن يوجهوا جل عنايتهم بتربية النشئ خاصة وهم يعانون من الفراغ الفكري الذي جعلهم لا يستطيعون الصمود أمام متغيرات الزمان والمكان ذات الإيقاع السريع فعجزوا عن السير خلف هذه المتغيرات ومن ثم تولدت عندهم ردود أفعال منعكسة أدى ببعضهم إلى هاوية الضياع والانفلات والوقوع في براثن الجهل والأمية والإرهاب حيث انفلت الزمام من أيدي جهات الضبط المختلفة ومن ثم عجزوا عن أن يردوهم إلى جادة الصواب القويمة .
إن الحدث اليوم يعيش طفرة في جميع الصعد ويعجز عن التكيف معها والارتقاء بمستويات أخلاقه إلى المستوى المطلوب بحيث لا يجني إلا الضياع والفشل الذريع بعد أن عاش بعضهم على قارعة الطريق وفي ميادين اللعب واللهو والانحلال الخلقي .
النائشة وحب الانتماء إلى الوطن
حيث نلاحظ غياب الروح الوطنية والولاء للوطن عند معظم الناشئة والشباب وباتت ظاهرة متفشية بينهم وكأنه مرض عضال يصيب من لم يتحصن ضده أم أنه فيروس معد وخطير لا علاج له ولابد أن نعمل سويا يدا بيد وقلبا بقلب لاستئصال هذا المرض بطرق عقلانية ومنطقية , ولكن السؤال هو: من يتحمل مسؤولية زرع حب الوطن في نفوس الشباب والناشئة بصفة عامة ¿
إن غياب الولاء الوطني لدى هؤلاء الشباب والناشئة تتحملها الجهات المسئولة عنهم كالمؤسسات التربوية والوسائل الإعلامية والمكتبات المدرسية على وجه الخصوص وكذلك الجامعات والمعاهد والكليات العليا كل هؤلاء جميعا يمثلون منظومة متكاملة لغرس ولاء حقيقي لدى الشباب والناشئة ابتداء من الطفولة حتى تخرجهم من الجامعات لأن غياب حب الوطن والانتماء إليه لدى هؤلاء يمكن أن تمرر من خلالهم خطط الهدم والتدمير للوطن وممتلكاته العامة والخاصة وإيذاء المواطنين والنيل من إنجازات الوطن وخيراته , فغياب هذا الولاء يمثل فجوة يجيد استغلالها أعداء الوطن والحاقدون عليه وعلى المواطنين والمرور من ثقبها الواسع إلى الخراب والدمار الذي يطال الجميع دون اسثتناء .
إن قضية النشء في بلادنا في حاجة ماسة وسريعة إلى المعالجات التربوية والدينية ولابد أن نسلط الضوء عليها ونشير إلى خطورتها جميعا دون استث