عودة إلى القطار !!!

عبد الرحمن بجاش

 - 
أعود إلى قطار صاحبي وإلى المقصورة الجميلة والنظيفة لأجد من أبحث عنه سنين طوال رحمه الله , أبحث عن تأتأتöه, وردة فعله المحببة إلى النفس: (يا بجاش أنت وملحقك على جزمتي), وأقبلها راضيا مختارا لأنني أعرف وخبرت جمال نفسه, وأدري ما سيحدث, يفت

أعود إلى قطار صاحبي وإلى المقصورة الجميلة والنظيفة لأجد من أبحث عنه سنين طوال رحمه الله , أبحث عن تأتأتöه, وردة فعله المحببة إلى النفس: (يا بجاش أنت وملحقك على جزمتي), وأقبلها راضيا مختارا لأنني أعرف وخبرت جمال نفسه, وأدري ما سيحدث, يفتح الباب على جلستي المتوثبة ليظهر ضاحكا: (شوف يابجاش … أنا آسف), تكون فرصتي التي لا أتركها: (لا أقبل), يفهم فؤاد علي عبدالعزيز رسالتي (خلاص السلته عند لاهب اليوم علي) أمط شفتي, يعلق سريعا, أخاف أنا من عودة سريعة إلى حالة التأتأه: (خلاص والمساح), يضحك من جديد: (يا ابن ……أنت والمساح وأمري لله), القطار يبطئ في حواري دمشق الفيحاء, حيث المنحنى, كان هناك الطريق الذي يجره وحامد إلى حيث الصبايا يتمخطرن بحجولهن ولكن هذه المرة حجول من ذهب , لا بل من ورود الكناري!!, يأتي الصوت فرحا والزغاريد تهلل من الحناجر (يا دوب مرت علي …..أربع وعشرين ساعة) , يذهب بي قطار آخر إلى حارة الجزارين, هناك مقهاية النجم حق الشيباني وفي المحل الصغير تبيع حسونة ملكة جمال مطعم عمي طه اسطوانات (أبو بكر) وتغني تعز (يا دوب) لأول مرة من الباب إلى الباب, ويكفي الناس فرحا أنهم اشتروا اسطوانة من يد حسونة حتى لو ما معاهمش بيك آب, هي حسونة حيث الجمال تذرذر في الحارة وما بين استوديو أحمد عمر والمقهايتين الشباب والنجم حيث واحد دبل نص كان حديث الناس يومها, انتصرت تعز يومها على الشاهي (العصملي), قلت يا فؤاد: لم ستذهب إلى أديس¿ قال: شوف يا بجاش أنت و……..على ……, قلت: طيب اللي بعده, قال وقد عاد إلى صفائه وبسرعة سحب السماء الماطرة, ليبرق فمه (شوف.. بلد فيه …………… شخصيه مهمه.. بلد بلا مستقبل)!!!, لا تزال الجملة في ذهني كلما تحسست يدي الآتي الذي لم يات!!, لا تزال صورة جمعتنا ويحي يخلف الفلسطيني الرائع في غرفته برماده حده تذكرني به !! كان زياد علي الليبي اليمني في الغرفة الثانية, ذات لحظة تهكم عليه الأستاذ الزرقه على طريقة: إذا أردت أن تعرف ماذا يحدث في ايطاليا عليك أن تعرف مايحدث في البرازيل, كان فؤاد قد كتب تحقيقا من تهامة, فلقي الزرقه في الدرج فيبدأ كالعادة: إنا ما هي هذه الكتابات يا فؤاد في النقد ما تنفعش, لا يكذب صاحبي خبرا, فيغيب عنا حوالي العام, لنكتشف أنه اعتكف يقرأ في النقد ليخرج ويكتب مالم نقرأ لا أحد بعده إلى اليوم !!!!, وأجري وراءهما حامد وفؤاد من الشقة إلى الحوافي والزوايا حيث عرق دمشق يمد الأعصاب بحرارة الشام ليرددا (وأصبح شعري منهما في مكانه ……. وفي عنق الحسناء يستحسن العقد), وآه عليك يا سقاف لم لم يتوقف قطارك في محطة فيروز (جادك الغيث …إذا الغيث هما …يا زمان الوصل..), وعلى قطار السقاف وفي مقصورة أرحب إزداد تعرفا بأحمد شرف سعيد الحكيمي (الشجاع) في لحظة زمنيه كانت بحاجة إلى الشجاعة وقد كان رجلها, لأفاجأ على كرسي قريب بصاحبي عبدالرزاق الحكيمي (زوربا) النشاط الحزبي وشخصية فذة لعبدالرزاق تحتضنها بسمة حاضرة الآن تحكي وجع السنين وحلم ذهب ولم يعد, أعرف الآن صاحب الرأس الكبيرة في دمشق !!! وألمح شخص نادر – سأعود إليه – يجلس هناك في الركن القصي من المقصورة على قطار حامد السقاف (محطات من العمر … المقامات اليمانية في محطات الذكريات الشامية) (الجزء الثاني) ….سأنزل الآن في هذه المحطة وأعود مرة أخرى …..لا زلت أسافر مع السقاف الذي أدهشني ……….و(سلام من صبا بردى أرق ……ودمع لا يكفكف يا دمشق).

قد يعجبك ايضا