هل تسمع الدولة صوت المواطنين¿
مارب الورد
يزخر الموروث الشعبي بشواهد وحكم دالة على تطلع وتوق الإنسان اليمني للدولة التي ترعى مصالحه دون تفريق بين مواطن وآخر,التي تحكم بالعدل والقانون والمواطنة المتساوية ولكن رغم هذا الشوق الجامح الموغل في القدم إلا أن الحكومات المتعاقبة شمالا وجنوبا خذلت مواطنيها وصادرت أحلامهم بإقامة دولة القانون والمساواة.
ولعل من أبرز أحد هذه الشواهد ما تتداوله الألسن من قول مأثور “شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي”, وتفسيره أن المواطن يرتبط بدولته وظيفة ويلوذ بها بحثا عن الأمن وتوفير ما يحتاج مهما كانت ضعيفة وغير حنونة عليه أفضل من ارتباطه وتعلقه بغيرها من الجماعات بما فيها قبيلته لتحقيق احتياجاته.
ولذلك ظل سؤال البحث عن الدولة قائما ومعلقا من دون إجابة منذ ثورة 26 سبتمبر شمالا باستثناء جهود الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي ولم يختلف الحال كثيرا في الجنوب رغم المحاولات الايجابية التي تحققت على صعيد قيام النظام الحاكم حينها بتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيه إلا أن النتيجة إجمالا كانت مخيبة للآمال بعد توالي وتعاقب النكسات والنكبات التي أعاقت بناء مؤسسات دولة تجيب على احتياجات اليمنيين المختلفة.
واليوم ما يزال اليمنيون يسألون عن دولتهم بعد كل هذه التضحيات في مختلف مراحل التحول والتجارب ولكن دون جدوى ليبدأ مؤشر فقدان الثقة بالتراجع أسرع مما كان مع مرور الوقت.
ثمة خذلان من قبل الدولة تجاه مواطنيها في كل المجالات سواء الأمنية أو الاجتماعية أو الاقتصادية بل وحتى في التزامها بتحقيق الحد الأدنى من متطلبات الحياة والتي ستزداد سوءا مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية في ظل ضعف وعدم قدرة الإجراءات الحماية المتخذة في تخفيف معاناة المواطنين الذين يعانون أصلا من تدهور أحوالهم.
وظيفة الدولة في الظروف الطبيعية والعادية تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لمواطنيها وفي الأحوال الاستثنائية لا تقل وظيفتها عن تحقيق الحد الأدنى من مقومات الحياة وهي توفير لقمة العيش من غذاء وماء ودواء وتثبيت الأمن.
المواطن العادي لا يهمه ولا يعنيه أي حديث عن إصلاحات سياسية أو اقتصادية مهما كانت فوائدها نافعة على المستوى البعيد ذلك أن الأهم لديه هو الحياة الكريمة وتخفيف معاناته يوميا وهذا مطلب مشروع وطبيعي.
إن لم تقترب الدولة أكثر نحو مواطنيها وتستجيب لاحتياجاتهم البسيطة وتضع مصلحتهم ومطالبهم في أولوياتها على ما سواه فإنها تساهم في فقدان ما تبقى لديها من رصيد الثقة بها وبقدرتها على تحقيق متطلبات جميع مواطنيها دون البحث والاحتماء بما عداها من بنى مجتمعية ومشاريع صغيرة تدميرية لا هم لها إلا تحقيق أهدافها على حساب هؤلاء البسطاء الذين وقعوا ضحية لخذلان دولتهم.