هل لا زلنا بحاجة إلى وزارة إعلام¿
عبدالله علي صبري

مقال

منذ سنين وثمة مطالبات سياسية وحقوقية بإلغاء وزارة الإعلام من التشكيلة الحكومية والاكتفاء بهيئة وطنية تشرف على وسائل الإعلام الرسمية أو العامة بما ينسجم ومقتضيات النظام الديمقراطي الذي تعد وسائل الإعلام العامة فيه ملكا للشعب كونها ممولة من الخزينة العامة ولا ينبغي تسخيرها لخدمة حزب أو جماعة حتى وإن كان الحزب قد وصل إلى السلطة بجدارة وبأغلبية شعبية ذلك أن قواعد العملية الديمقراطية تفسح المجال لأن تغدو الأقلية المعارضة أغلبية حاكمة والعكس. ويلعب الإعلام الرسمي بأدائه المعتاد دورا مباشرا في تكريس سلطة الحزب أو الائتلاف الحاكم وذلك على الضد من وظيفته المتعارف عليها في النظم المتقدمة ديمقراطيا.
وقد انتصرت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني للمطلب أعلاه وأكدت على تشكيل هيئة وطنية للإعلام في أكثر من نص وينتظر أن يتضمن الدستور الجديد نصا صريحا وواضحا بهذا الشأن.
وحيث أن التعديل الوزاري الأخير قد شمل وزارة الإعلام فإن المهمة الرئيسة الملقاة على عاتق الوزير الجديد وطاقمه من وجهة نظري تتمحور باتجاه التهيئة لإلغاء الوزارة من التشكيلة المقبلة للحكومة والإعلان عن مجلس أعلى للإعلام يعمل على تهيئة وسائل الإعلام الحكومية للانتقال إلى الوضع الجديد وانفتاحها على مختلف القوى السياسية والمكونات الاجتماعية في البلاد وبحيث تكون مواكبتها لأداء السلطة التنفيذية محكومة بالمهنية المتعارف عليها بعيدا عن الانغماس في الخطاب التعبوي القائم على الدعاية والتضليل.
وللتخفيف من العبء والضغط السياسي على وسائل الإعلام الرسمية يتعين أن يقوم المجلس الأعلى أو الهيئة الوطنية للإعلام برسم سياسة واضحة لأداء هذه الأجهزة تجعل منها حيادية بقدر كبير إزاء الصراع السياسي لمختلف الفرقاء ومستوعبة في برامجها وصفحاتها للرأي والرأي الآخر وخاصة الرأي المعارض لنهج الحكومة ورئيس الجمهورية وأية قوة سياسية شريكة للحكومة.
ربما يرى البعض أن الإعلام الرسمي ما زال مطلوبا منه مساندة القيادة السياسة وخاصة في ظل المرحلة الانتقالية لكن ما دامت القيادة السياسية نفسها قد أكدت وقوفها إلى جانب التغيير فمن المنطقي أن يشمل التغيير الخطاب الإعلامي الرسمي وحتى لا نجد أنفسنا أمام أجهزة تعمل على إنتاج الاستبداد من جديد.
لا غرو أن للتغيير تبعاته وأعباءه والنوايا الحسنة في هذا الجانب لا تكفي لوحدها وكما أن هناك شكاوى متزايدة من “الانفلات الإعلامي” فإن ضبط إيقاع أداء الإعلام الرسمي من المهام ذات الأولوية وسيترك التغيير هنا أثره المباشر والملموس على بقية وسائل الإعلام الحزبية والأهلية.
على أن مطلب الإصلاح الإعلامي ليس مقتصرا على الإعلام الرسمي فهو مطلوب بشكل حثيث في أداء مختلف وسائل الإعلام ولن يكون هذا الإصلاح المنشود متأتيا بمعزل عن دور الإعلاميين والصحفيين أنفسهم وعبر نقابتهم التي تشهد مواتا غير مسبوق.
