لمصلحة منú خلط الأوراق¿¿

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - بعض الكتل التاريخية والسياسية الفاعلة في المشهد السياسي اليمني تسعى جاهدة إلى خلط أوراق اللعبة السياسية وأظن تلك الكتل والأحزاب لا تدرك خطورة ما تقوم به وما تحدثه على اليمن وعلى مستقبله
بعض الكتل التاريخية والسياسية الفاعلة في المشهد السياسي اليمني تسعى جاهدة إلى خلط أوراق اللعبة السياسية وأظن تلك الكتل والأحزاب لا تدرك خطورة ما تقوم به وما تحدثه على اليمن وعلى مستقبله بل وعلى مستقبل تلك الكتل والأحزاب ذاتها وهو الأشد خطرا لأنه يهددها بالفناء من حيث القيمة والمعنى في الذاكرة الجماهيرية, فاليمن قد تتمكن من النهوض من الكبوة المؤقتة التي قد تحدثها ردود الفعل الآنية أو المنفعلة الواقعة عليها من العملية السياسية المربكة والقائمة على خلط الأوراق وتقديم وتأخير أوليات أو الشروع في قضايا قد تكون قابلة للتأجيل على حساب قضايا أكثر إلحاحا وفاعلية وتشكل حالة جوهرية للعملية الانتقالية, في حين تظل الأحزاب والكتل تعاني الشلل والتعطيل والاضمحلال وقد تفقد قدرتها على التفاعل في المعادلة الوطنية الجديدة لأنها تستهلك قدراتها وطاقاتها في مماحكات وقضايا ربما كانت بالنسبة لها عوامل تدمير أكثر منها عوامل بناء وقد لا تدرك ذلك لأن عمل الطغيان يجعلها خارج نطاق الوعي باللحظة السياسية التي تمر بأخطر مرحلة لها وهي مرحلة البناء ومرحلة الفرز والتمايز والقدرة على التجدد والتحديث والأهم القدرة على البقاء والاستمرار والتكيف مع الواقع السياسي الجديد.
في ظني أن ما يحدث تحت سماء المشهد السياسي اليمني من تصرفات حمقاء ورعناء من بعض القوى والكتل التاريخية غير واع وغير مستوعب لمجريات الحدث وأثره الذاتي والموضوعي, فالاشتغال السياسي الذي يحصر نفسه في زوايا ضيقة ولا يراعي إلا مصالحه الذاتية دون المصلحة الوطنية العليا اشتغال مدمر وأثره يمتد على البناءات والتفاعلات المستقبلية, والذين يستغرقون أنفسهم فيه لا أراهم إلا يحفرون قبورا بصدورهم لمستقبل الكتلة أو الحزب حركة الزمن والتاريخ ليست اعتباطا ولا تسير وفق مزاجية الأحزاب والكتل ولكنها تسير وفق قواعد ثابتة وسنن كونية بالغة الدقة في التعبير عن حركة التطور والصيرورة وحركة التدافع التي تكون خوف الركود والفساد.
ما يجب أن يكون مدركا أن اليمن ذات خصوصية في بناءاتها الثقافية والحضارية والاجتماعية ولا يمكن لها التفاعل مع القوالب والنماذج العالمية ولكن بالإمكان ابتكار نموذجها وقالبها من خصوصيتها وهي تملك القدرة والطاقة والسند الثقافي والحضاري والتاريخي, ولعل اهتمام مؤسسة الرئاسة بشريحة الأدباء والمفكرين وإيلاء تلك الشريحة القدر الكافي من الرعاية والاهتمام والشراكة سيكون عاملا مهما في بزوغ مشروع الحداثة الذي ينشده الرئيس ونجده في جل خطاباته التفاعلية ونتمنى على الرئيس وهو يحمل هم الحداثة والتحديث كمنطق نظري أن يعمل على ترجمة ذلك التوجه إلى خطوات عملية من خلال ردم الهوة بين السياسي والمثقف وأن يعمل جاهدا على خلق كتلة حداثية تاريخية متناغمة من أجل إحداث التوازن وتحفيز الطاقات وتفجيرها بما يحقق النهضة والتنمية لا الموت والدمار ومثل ذلك يتطلب لقاءات دورية للحوار والنقاش ومعرفة الصعوبات والحقائق من مصادرها فالتقارب يزيل من الأذهان ما يعلق بها من دخان الأحداث ومداد الصحف التي لا تعبر إلا عن مصالح الكتل والأحزاب ويغيب عنها الوطن بشكل مباشر أو غير مباشر.
الحداثة التي يتحدث عنها الرئيس ليست أمرا سهلا ولكنها قضية شائكة فهي حالة تجديدية وتحديثيه, والوصول إليها لا يكون إلا من خلال ممارسة معطياتها والتفاعل مع حركتها وتاريخها في حالة تشابك مع التطور المادي والحضاري لليمن وبما يحقق التناغم والتراكم بين الأزمنة وطالما ظل هاجسنا منذ أمد بعيد هو التجديد والتحديث في النظم والآليات والأساليب وتحديث بنية الدولة وتحديث شكل العلاقة بينها وبين المجتمع فقد أصبح الاشتغال على الأبعاد النظرية والبحثية ضرورة اجتماعية وثقافية لابد أن تستجيب لها الإرادة السياسية.
لقد فشل النخبة ومشروع الكتلة وفشل مشروع الشيخ الاجتماعي والشيخ الديني ويمكننا التعويل على مشروع الحداثة كمشروع نهضة وطالما نجده في خطابات الرئيس وقد أصبح هاجسا بالنسبة.. فنحن ننتظر منه خطوات ملموسة وجادة تضع اللبنة الأولى في جدران البناء الحداثي حتى نجتاز وتجتاز اليمن ذلك الركام الهائل الذي تركه بين ظهرانينا مشروع الشيخ التدميري.

قد يعجبك ايضا