مختارات

محمد المساح


 - الأفق يتجرع السم شاهدا على الخوف في الهواء والماء والعشب يولد الخوف, خوف الساكنين من البيوت التي رفعوها خوف المسافر من طريقه خوف الجسد من رأسه ومن يدي

الأفق يتجرع السم شاهدا على الخوف في الهواء والماء والعشب يولد الخوف, خوف الساكنين من البيوت التي رفعوها خوف المسافر من طريقه خوف الجسد من رأسه ومن يديه لكن هيهات أن يترجل القمر لكي يقنع الناظرين إليه بأرواحهم إنه تراب كأخته الأرض ولاماء فيه لا عشب مع أنهم يؤكدون أنه مأهول بالملائكة وخرافها. خوفا جاء الحزن إلى آخر الليل جلس إلى جواري كأنه طفل نجمه ماتت, افتح لي ذراعيك أيها الطفل كيف تكون وطنا هذه الكرة التي تتعثر فوقها خطوات الأطفال رأس الزمن ينكسر ويكاد أن يتفتت على مائدة الأيدية خوفا ترتجف اللغة بين يدي المعجم.. لون أيها الدم هذه اللوحة التي تسمر الأرض.. ثيران هي الأمكنة والسماء قبعة المتصارعين.
“أدونيس: من قصيدة لون أيها الدم”
لم يختلف اثنان على شاعرية الماغوط لا التقليدي ولا الحداثي ولا من يود القفز إلى ما بعد الحداثة حجتهم في أن الماغوط “استثناء” استثناء لا يدرج في سياق الخلاف حول الخيارات الشعرية.. لكنها حجة قد تكون مخاتلة فما هي قيمة الشاعر إذا لم يكن استثناء دائما وخروجا عن السائد والمألوف¿ لذلك فنحن لا نستطيع أن نحب قصائد الماغوط ونرفض قصيدة النثر التي كان أحد مؤسسيها الأكثر موهبة وإذا كانت تعاني من شيوع الفوضى والركاكة على أيدي الكثيرين من كتابها فإن قصيدة الوزن تعاني أيضا من هذه الأعراض الأزمة إذا ليس أزمة الموهبة أزمة الذات الكاتبة فنحن القراء لا نبحث في القصيدة إلا عن الشعر عن تحقق الشعرية في القصيدة سر الماغوط هو سر الموهبة الفطرية لقد عثر على كنوز الشعر في طين الحياة جعل من تجربته في السجن تجربة وجودية وصاغ من قسوة البؤس والحرمان جماليات شعرية وآلية دفاع شعري عن الحياة في وجه ما يجعلها عبئا على الأحياء وهو الآن في غيابه أقل موتا منا وأكثر منا حياة.
“محمود درويش عن الماغوط”

قد يعجبك ايضا