نحتاج إلى خارطة طريق ثقافية

حاوره / محمد القعود


يمور الواقع الثقافي بالكثير من القضايا والهموم والإخفاقات التي جعلت المثقف اليمني ينحاز إلى الصمت والمهادنة مع محيطه وتعطيل دوره التنويري.
والمتابع للشأن الثقافي اليمني يلاحظ مدى خفوت المؤسسات الثقافية وخمود دورها وأنشطتها وتراجع الكثير من الفعل الثقافي عن الإسهام في حركة الحياة في مختلف الجوانب بل أن هناك انعكاسات سلبية بدأت تهيمن على المشهد الثقافي اليمني وتهيل عليه غبار اللامبالاة والعدمية..
في الحوار التالي نتوقف مع الأديب والناقد عبدالرحمن مراد أمام العديد من تلك القضايا.

هيمنة النسق المغاير
* كيف تقرأ الواقع اليمني في لحظته الراهنة¿
– اليمن تعيش وضعا استثنائيا لا يتسق مع طبيعتها الحضارية الثقافية وظلت طوال تاريخها تحت نير الاستبداد والطغيان وهيمنة النسق المغاير لها مما جعلها تقع تحت سلطة واقع منفصل ظل يعبث بكل العوامل المجددة للنسق الحضاري والثقافي ومثل ذلك كان عاملا مهما في تعزيز مشاعر الاغتراب الزمانية والمكانية في الذات اليمنية ويكاد يكون ذلك عاملا مهما أيضا في مضاعفة الشعور بالنقص الذي لا يجد تكامله إلا في الآخر.
إعادة تعريف الهوية
* هناك من يرى أن الإشكالية الوطنية اليمنية تكمن في الوعي بالمقومات الحضارية .. ويرون أنه حدث انقطاع حضاري كيف تقرأ واقع الإشكالية¿
– ما ليس مدركا في التداول العام أن البعد الحضاري اليمني كان يرتكز على القيم الصناعية والإنتاجية وكانت اليمن مركزا اقتصاديا مهما بل كانت منارة يقصدها كل العالم وكان للعرب رحلة كل عام إليها وأخرى مماثلة إلى الشام وما تزال حتى هذه اللحظة تشكل بعدا استراتيجيا في طريق الملاحة والتجارة الدولية ومثل ذلك كان سببأ جوهريا في الوجود الحضاري القديم ولن تستطيع اليمن النهضة من كبوتها دون البناء على ذلك التراكم من خلال القيام بالتحليل السياقي والتقاطعي وإعادة تعريف الهوية التاريخية والثقافية والحضارية وبناء الذات اليمنية ذات الحضور التاريخي والامتلاء الحضاري حتى يمكنها تفجير طاقات تلك الذات وتوظيفها بما يحقق التطلعات في استعادة الوهج الحضاري وبناء اليمن بناء قادرا على التفاعل والإضافة إلى الحضارية الإنسانية.
تعميق اغتراب الإنسان
* هل تظن أن تدمير الآثار وتهريب المخطوطات سببه المباشر الحاجة والفقر.. أم ترى أن هناك أسبابا أخرى¿
– تشهد اليمن تدميرا لكل مآثرها الحضارية والثقافية والتاريخية والكثير يدرك أن حركة شراء المخطوطات نشطت وبشكل مذهل خلال العقود الماضية وما تزال مستمرة حتى اللحظة وحركة تدمير المآثر التاريخية وتهريب القطع الأثرية أيضا ما تزال مستمرة.
أشعر أن هناك حركة ذات منظومة متكاملة تهدف إلى الفصل الحضاري وتعمل جاهدة على تعميق اغتراب الإنسان في اليمن من أجل سهولة الهيمنة عليه وحين يعيش الإنسان في فراغ يحاول البحث عن الامتلاء ولذلك نراه يتكامل مع الآخر غافلا عن القيمة الحضارية والتاريخية والثقافية وهي قيمة تحقق له ذلك الامتلاء ثمة حلقة مفقودة في التكامل الحضاري لعل أبرز عناوينها لم يكن محط اهتمام أي مشروع سياسي أو ثقافي في اليمن.
رفض وتدمير
* بعد أحداث 2011م أفرزت حركة المجتمع واقعا ثقافيا جديدا.. ربما كان متراجعا وغير منزاح كما كان يتوقع له.. قراءتك لمثل ذلك¿
– نشهد الآن بزوغا للمثقف السلفي كأقوى مما كان عليه ويمكن القول إن الوظيفة الاجتماعية التي تقوم بها الثقافة الدينية كانت سببا مباشرا في ذلك البزوغ المتسارع. ووجوده في ظني جاء نتيجة لمقدمات النموذج الثوري الشمولي القامع للحريات في شكل الدولة وسلطتها ولقد تحولت ليبرالية عصر النهضة مع مثل ذلك النموذج إلى أصولية نصية كما نعلم ونقرأ.
وأمام حالات التدمير للوعي المدني العربي يبرز المثقف الثوري الإسلامي الذي يدعو إلى مرجعية عليا تتمثل في حاكمية الله كنقيض لحاكمية الحاكم وكانت مرجعيته الدولة الإسلامية المختارة من الأمة التي هي في تضاد مع الدولة المختارة من النخبة التي يشعر بتسلطها وطغيانها ومثل ذلك مقروء في كتاب سيد قطب “معالم في الطريق” ولعلنا نلحظ تموجات لحظته في واقعنا الآن من خلال حركة الرفض والتدمير بالعبوات والأحزمة الناسفة والقناعات العقائدية.
مشروع حضاري
* الصراع المذهبي والطائفي أصبح واقعا والتدافع أخذ مسارا إلغائيا استنادا إلى تصورات عقائدية ما يحدث هل يصب في خانه المصلحة للمشروع الإسلامي¿
سلطة النص
* لكن سلطة النص هل ماتزال بذات القوة الانفلاقية التي كانت عليها..¿
-لا أظن فنحن نقرأ الآن وعيا متناميا في التيار السلفي هناك جماعات خرجت من دائرة القول بالضلالة والبعد عن الحق والدين وخرجت من دائرة الرفض للنظم والأطر

قد يعجبك ايضا