الدستور… الدستور ..الدستور !!!
حسن أحمد اللوزي
صارت بلادنا أقرب إلى الحلقة الأهم في مسيرة التسوية السياسية والترجمة العملية لمحتوى المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية المزمنة وذلك من خلال الجهود المبذولة لإنجاز الدستور الجديد.. والسير قدما نحو الالتزام والوفاء بالاستحقاقات الدستورية المنصوص عليها فيه واحدة تلو الأخرى وبخاصة الانتخابات البرلمانية والرئاسية !
وهنا وعند هذه المحطة التتويجية نستطيع ان نقول بأن اليمنيين بايمانهم وحكمتهم وصدق انتمائهم لروح الأخوة الإيمانية والوطنية ولحقيقة الامتثال لإملاء الروح الحضارية صار يشهد لهم العالم بأنهم صنعوا تجربة إنسانية فريدة من نوعها في معالجة المشكلات الصعبة.. وتجاوز أخطر أدواء الصراعات السياسية المهلكة والمدمرة لسلامة الوجود والأمن والاستقرار والسكينة العامة!
ذلك أنهم احتكموا لما يمليه العقل الانساني الناضج والارادة القيادية الواعية وما يتميز به الحوار الحكيم الصادق المسؤول وحصنوا بلادهم وشعبهم من الويلات والوقوع في براثن الفتن والحرب الأهلية الطاحنة التي صارت تعوث وتلوث في بعض البلدان الشقيقة دون أن تعرف لها نهاية ????
ومع ذلك تبقى أمام القيادات السياسية الواعية والحكيمة في بلادنا الوثبة الوطنية الكبرى والتي سوف تكون بمثابة تحصيل أوجب المهام المستعجلة وقد تأخرت وقتا طويلا ومكلفا وهي التي تتمثل في إنجاز وتثبيت المصالحة الوطنية الشاملة … ومن ثم اتخاذ إجراءات إصدار قانون العدالة الانتقالية على أساس من ذلك !
وهنا أقول لبعض الذين في تفكيرهم نوع من الالتواء عن الطريق الواضح المستقيم بأنه لن يتأتى الاتفاق على قانون العدالة الانتقالية وإصداره مكتملا ومنزها من الشوائب بدون وضع حجر الأساس الاول له ونعني بذلك المصالحة الوطنية الشاملة… فمسيرة التسوية السياسية التي أطفأت إلى حد ما نيران الاحقاد التي سببت جزءا من التعطيل للمهام وعدم إنجازها في الوقت المحدد لها ولم تبلغ الغايات المنشودة في تطبيب النفوس وتربيت القلوب وتجفيف منابع تلك الأحقاد التي ظلت تفرزها بعض المطابخ للأسف الشديد ..
ومن البديهي والطبيعي ان تعلق الآمال العريضة في صلاح كل الامور على الانتهاء من صياغة الدستور والاتفاق على كل محتوياته وتقديمه للشعب ليقول كلمته في دستوره الجديد من خلال الناخبين والناخبات للاستفتاء عليه… ولتتجلى بذلك إرادته الحاكمة والممتثلة لحقيقة التغيير الحضاري المنشود.
ولا بد أن نؤكد بان لبلادنا تجربة دستورية ثرية ذات تاريخ طويل و يمثل الدستور القائم صورة ايجابيه ومتميزة لأفضل الدساتير في البلدان حديثة السير في طريق الديمقراطية وتكريس الحرية عبر الانتخابات العامة الحرة والمباشرة ..وقد شهدت له العديد من الملتقيات وورش العمل المتخصصة على الصعيد العربي والاقليمي في مقدمة الجميع السيدة هيلاري كلنتون الوزير السابق للخارجية الامريكية وكذلك وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة المتحدة في تصريحات معلنة في العام 2011م ميلادية.
ومع ذلك فهناك في بلادنا إرادة سياسية معلنة عبرت عنها كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية من وقت مبكر منذ العام 2006م حول أهمية تعديل الدستور القائم في عدد من أبوابه وخاصة بالنسبة للسلطة التشريعية وتكوينها من غرفتين وكذلك بالنسبة للنظام الانتخابي والأخذ بجانب من نظام القائمة النسبية وتجاوز المركزية المالية والادارية إلى اللامركزية!
وعند علماء الدستور ومنذ تبلور فكرته الأولى لم تختلف حوله التعريفات ولكنها تنوعت لتقدم نفس المحتوى الذي يقدمه التعريف الجامع المانع .. وأدلها أنه القواعد العليا الأساسية المنظمة للدولة والمجتمع والعلاقات التي تربط بينهما وكافة السلطات والتي على أساس منها تصدرالقوانين.
وهي تبين بصورة جلية المبادئ والقيم الأساسية (( الأسس )) التي تقوم عليها الدولة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وتحدد الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون بصورة متساوية وترسم كيفية إنشاء السلطات داخل الدولة وممارستها الاختصاصات والمهام المناطة بها.
ومن الأهمية بمكان أن أشير هنا بأني شاركت في واحدة من أهم الندوات التي اقيمت في صنعاء حول الفيدرالية وكانت المتحدثة الأولى فيها هي معالي السيدة هيرت دويبلر جملين عضوة البرلمان الألماني لأكثر من ثلاثين عاما وأتذكر جيدا أجابتها عن سؤال وجه لها حول ما يمكن أن تطبقه بلادنا حيث قالت:- (( إن ذلك يتوقف على إرادة اليمنيين أنفسهم من واقع التجربة العملية التي تمتلكها اليمن والخبرات المتوفرة فيها والعوامل الأساسية التي يجب عليهم مراعاتها ووضع الاعتبار الأول لها ومن واقع دراستهم وفحصهم لها… وما يرون أنه الأصلح لبلادهم وأن كافه المتطلبات الأساسية متوفرة لتطبيقه في الواقع اليمني ..)).
ولذلك فإن العارفين بما تحتويه اللجنة المشكلة لصياغة مشروع الدستور الجديد من شخوص