معضلة صعبة
محمد المساح

شاهده يرتشف الشاي الأحمر ويضع القلص أمامه فوق “الميز” ثم يمج نفسا عميقا من السيجارة المنتهية.. واحمرارها عند الفلتر تلامس أصابعه رمى تلك البقية المشتعلة على أطراف الفلتر.. ثم نفخ بقية الدخان العالق في الفم.. وتابعته عيناه وهو يتبدد في الهواء وتبع ذلك بنفخة كرية وضيق وتحركت مشافره بلفظ صامت وكأنه يقول لنفسه: إلى الجحيم غادر الناس والعالم المحيط به وقتها “وهو جالس” تحت الضوء المبهر للنيون النازل من سقف المطعم وذهب في السرحان المعتاد لم ينتبه حينها وزميل يعرفه يناديه لثالث مرة.. حتى لامست اليد كتفه حينها انتبه على صوت الزميل: مالك مطنن إلى أين ذهبت¿ أجابه بسرعة شديدة وبكلمات متتابعة وكان لسانه كانت مسجونة عن الكلام دهرا ليس بالقليل أبدا لم أذهب إلى أي مكان.. لكن هي العادة اليومية طنانة ما بعد القات.. حساب الخسائر والأرباح خيالا وافتراضا بالطبع ثم رسم وتخطيط لمشاريع بكرة حتى الظهر ومن ثم الكيفية بإختراع الحيل لاستخراج.. المصاريف وقيمة القات.. أجابه صاحبه: هذه مسائل بسيطة لا تحتاج منك هذه الطنانة كلها فالذي شاهدك وأنت في تلك الحالة كأن داهية أو مصيبة دهماء نزلت على رأسك.. أجابه بطريقة أرسطو وهو يشرح لتلاميذه المسائل العسيرة والغامضة في الفلسفة ورغما عنه إذا لم يشاهد أرسطو في حياته.. أبدا لا مصيبة ولا دواهي وإن كانت في نظرك بسيطة لكن في محتواها ومضمونها العملي أو العبثي إذا أعتبرتها كذلك فهي معضلات صعبة.. وبدون التفكير فيها من الآن فمستحيل يا صاحبي أن يمر الغد بلا قات.