ثابت التغيير
فؤاد الحميري
لكل بلد ثوابته التي يرسو بها آمنا من الأمواج العاتية . ويثبت بها شامخا في وجه الزلازل المدمرة . ومع اختلاف هذه الثوابت من بلد لآخر يبقى التغيير هو الثابت المشترك والأقدر على حماية الإنسان والأوطان وصيانة الحاضر والمستقبل .
وبقدر استيعاب الأمم لأهمية التغيير وخطورته ومركزيته في حياتها تكون ديمومتها ويكون تطورها . والعكس صحيح .
ولئن كان التغيير قدرا لا مفر منه فإن من نافلة القول التذكير بضخامة الكلفة التي ندفعها – عرقا ودما – كلما ضيقنا على أنفسنا دائرة التغيير الاختياري الآمن مغامرين بأنفسنا ومقامرين بأوطاننا في خضم التغيير الاضطراري المهلöك للحرث والنسل .
ونحن في اليمن اخترنا نصف التغيير واضطررنا إلى نصفه . فأخذنا من سلبية الأخير ما رأينا به الصعب . ومن إيجابية الأول ما تجاوزنا به الأصعب.
ولعل في هذا تفسيرا لما يعتقده بعض المهتمين بالشأن اليمني ضبابية في الرؤية بل وتناقضا في المشهد .
نحن اليمنيين – إذا – نمتلك نصف النجاح وهو الجزء المملوء من الكأس وهذا يعني قدرتنا على امتلاك النصف الثاني إن أردنا .
كما يعني – لا قدر الله – إمكانية أن نخسر الموجود بدلا من اكتساب المفقود إن لم نمتلك الإرادة التي نسمو بها فوق المصالح الضيقة والمناكفات النزقة .
وبين الفرضيتين تقف الأطراف السياسية – وكل الأطراف اليوم سياسية بامتياز – وقد تجاوزت خلافاتها حول (نظرية التغيير) عبر توافقها العلني على وثيقة الحوار الوطني كمخرج وحيد من سيناريوهات سوداء تنتهي كلها – على طريقة وادي الذئاب – بموت كل أبطالها . ليبقى التحدي الأكبر في قدرة الجميع على ترجمة الحبر إلى عرق والأقوال إلى أفعال منتقلين من الفلسفي إلى التطبيقي ومن المناهج إلى البرامج . الأمر الذي يرقبه الشعب بصمت قد يغري المتذاكين بنقض العهود . لكنه بالتأكيد يحث الأذكياء على الوفاء بالوعود . ليقول هو كلمته في الأخير وينتصر لإرادته في التغيير.
نائب وزير الإعلام