حيادية ومهنية القوات المسلحة والأمن ضرورة وطنية ملحة والتطهير بات أكثر إلحاحا لماذا¿

محسن خصروف


في النظم الشمولية يسارية كانت أم يمينية يكون تسييس القوات المسلحة ممكنا لأن تلك الأنظمة موجهة سياسيا واقتصاديا ويهيمن عليها فكر واحد وحزب واحد لا مجال معه للجدل والصراع السياسي والفكري ليس ذلك وحسب بل إن هناك بعضا من هذه الأنظمة الأحادية الفكر والسياسة قد تمكن فيها أشخاص من السيطرة المطلقة على الدولة ومؤسساتها المختلفة وعملوا بقوة على أن يختزل [الواحد] منهم المجتمع وثقافته وسياسته وفكره في شخصه ومكنوا حاشياتهم وأزلامهم من إحكام القبضة على المجتمع ومقدراته باسمه بوسائل شتى منها [[الإفساد المنظم]] وشراء الذمم.
حدث هذا في كثير من مجتمعات العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه وشهد اليمن بشطريه ما يقترب من هذا بشكل أو بآخر.
رغم وجود العديد من الأحزاب السياسية السرية التي أرغمت على العمل تحت الأرض فقد كان شطرا اليمن محكومين رسميا قبل الوحدة بنظام الحزب الواحد مع الفارق الكبير في الشكل والمحتوى وفي النظرية والتطبيق على مستوى الحزب والدولة ليس هذا مجال الحديث عنهما.. ولقد كان هناك اختراق رسمي واضح للمؤسسة العسكرية في كلا الشطرين من قبل الحزبين الحاكمين ورغم الوحدة الظاهرية التي كانت تبدو على  المؤسستين إلا أن ذلك قد أخل بكمالهما المهني الاحترافي وكثيرا ما أحدث الاختراق فرزا سياسيا في بنيتيهما عند أقرب صراع في قمة السلطة منذ أحدث 23/24غسطس 1968م في الشمال مرورا بأحداث يونيو 1978م في الجنوب والشمال وحتى 13يناير1986م في الجنوب..
أما بعد أن تم تحقيق إعادة الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية والإعلان رسميا ودستوريا بأنها(الجمهورية اليمنية)ستنتهج الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة فإن حيادية ومهنية القوات المسلحة الموحدة في دولة الوحدة قد طرحت بقوة حيث أصبحت أمرا مفروغا منه وواجبا وطنيا وقاعدة مهنية أصيلة ومهمة وواحدة من أهم مقومات ومرتكزات البناء العسكري المؤسسي في ظل دولة المؤسسات والتنوع السياسي الأيديولوجي ذلك أن حزبية العسكريين لا تعني سوى نقل الصراع السياسي المجتمعي الذي يتخذ أشكالا عدة إلى قلب البناء العسكري والإضرار الكبير بوحدة ومهنية القوات المسلحة والإخلال بقدراتها وكفاءاتها وصرفها كلية عن تنفيذ خطط الإعداد القتالي والمعنوي وصرفها وهذا هو الأهم عن المهمة الرئيسية الموكلة إليها وهي الدفاع عن الوطن( الأرض والإنسان) وسيادته وحريته وثرواته وحقه في العيش الآمن وحقه في البناء والتقدم والحياة الكريمة كما وصرفها عن حماية القوى السياسية المتجادلة سلميا بل وجعلها عرضة لتجاذب نزعات ونزاعات هذه القوى وكل سلبياتها المدمرة لكمال ووحدة البناء العسكري الاحترافي الوطني الخالص.
إن الحزبية في القوات المسلحة في النظم الديمقراطية التعددية واليمن محسوبة عليها تشكل خطرا كبيرا على الدولة والمجتمع وعلى الوطن وسيادته وعلى الأمن والاستقرار وعلى الحريات المجتمعية المختلفة ولعل التجربة التي مر ويمر بها الوطن ومرارات المعاناة الناتجة عنها والجهود المضنية التي بذلت وما تزال تبذل في سبيل الخروج منها حاليا خير برهان على صدق وموضوعية ما ذكرنا حيث أن الاستقطاب والتجاذبات التي عانت وما تزال تعاني منها القوات المسلحة قد انعكست في مجموعها سلبيا على كل جوانب ومظاهر الحياة في اليمن وعلى المواطن واستقراره وحياته المعيشية بشكل مباشر وعلى الدولة وقدراتها في مختلف المجالات ومنها قدرتها على فرض الأمن ومواجهة الإرهاب واحتواء الصراعات مادون الوطنية ذات  الدعاوى والشعارات ضيقة الأفق التي صارت تمس في الصميم الجسم الاجتماعي الواحد المتكامل الذي قوامه التكامل والتسامح والقبول وكذلك قدرتها على السيطرة التامة على كل مؤسساتها ناهيك عن القدرة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل كما أنها وهذا هو الأهم تؤثر سلبا وبشكل مباشر على قدراتها الدفاعية بشكل عام.
وبناء عليه فإن تحريم الحزبية في المؤسستين العسكرية والأمنية يصبح ضرورة وطنية و”فرض عين” ينبغي أن ينال التأييد والدعم الرسمي والشعبي وعلى وجه الخصوص من قبل كل القوى السياسية العاملة في الساحة الوطنية بمعنى أن على كل القوى السياسية بشكل عام والأحزاب بشكل خاص أن ترفع يدها عن القوات المسلحة والأمن وأن تنأى بكل أنشطتها عنهما وأن يتم ذلك بقوة القانون والدستور ففي ذلك خدمة للوطن ومصالحه العليا ولتلك القوى والأحزاب وحرياتها في العمل السياسي في أجواء مجتمعية خالية من التوتر والإقلاق الذي عادة ما تتسبب فيه القوى التي تتكئ في نشاطها على القوة المسلحة الأمر الذي يستدعي بل يستلزم وبإلحاح أن تسارع القيادة السياسية العسكرية ممثلة بالأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي [الآن]بالتطهير الكامل للمؤسستين العسكرية والأمنية من كل العناصر والقيادات والكوادر الحزبية وكذلك من العناصر والقيادات والكواد

قد يعجبك ايضا