ماذا بعد الولادة القيصرية للحكومة الفلسطينية ¿
عباس غالب
عباس غالب –
بعد مضي أكثر من ستة أعوام على الشرخ الفلسطيني الذي فصل بين حكومتين إحداهما في الضفة والاخرى في القطاع ..وبعد معاناة مريرة للفسطينيين طيلة هذه الفترة تمخضت المصالحة الوطنية الفلسطينية مؤخرا عن ولادة حكومة جديدةحدد ملامح عملها المستقبلي الرئيس محمود عباس وقد تمثلت في ثلاثة اتجاهات رئيسة :
أولا: التحضير للانتخابات المقبلة خلال فتره لا تتجاوز ستة أشهر على أكثر تقدير فضلا عن تعزيز الأداء الحكومي في ما يوطد هذه المصالحة.
ثانيا : التعاطي الايجابي مع المبادرة الأممية في تحقيق السلام والتعايش القائم على مبدأ حل الدولتين .. والحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة .
ثالثا: التمسك بخيارات السلام ومبدأ استئناف المفاوضات شرط التزام اسرائيل اطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى الفلسطينيين وايقاف الاستيطان.
إن ردود الفعل الإسرائيلية الأولية على تشكيل هذه الحكومة والقائمة على خلفية المصالحة الوطنية بين حركتي (فتح )و(حماس)لا تدعو إلى التفاؤل- كما هي الحالةالإسرائيلية على الدوام- التي كانت ولاتزال ترفض عودة المصالحة الفلسطينية لاعتبارات إمكانية التفرد بفصيل واحد لتمرير مخطط الالتفاف على المبادرات الأممية والجهود الدولية لتحقيق السلام واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشريف.
وأمام التحدي الاسرائيلي واحتمالات فرض المزيد من العقوبات والحصار والتنصل عن موجبات استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين فإن ثمة مهام مطلوبة من رعاة هذه التسوية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية للتعامل مع هذا التوافق الفلسطيني باعتباره قوة للسلام وترسيخ الأمر فضلا عن المسؤوليات والمهام المناطة بالحكومة الفلسطينية الجديدة تجاه مثل تلك التحديات .
والأكيد أن المتغير الفلسطيني الداخلي بمثابة حالة ايجابية تستدعي تعزيز الموقف الدولي الراعي لهذه التسوية من خلال الدفع الايجابي بمساراتها التسوية والضغط الفاعل على حكومة (نتن ياهو) للقبول مجددا التعامل المسؤول مع متطلبات التسوية العادلة كذلك فإن الحكومة الفلسطينية الجديدة مرهون بها تمثل هذه اللحظة التاريخية التي تجعلها أمام الوفاء تجاه استحقاقات السلام وجها لوجه خاصة وهي تنطلق من إرادة مشتركة لرفع المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في الداخل .. مع الأخذ بعين الاعتبار تأثيرات الأوضاع العربية المتردية على القضية الفلسطينية المركزيـة ووضعية المفاوض الفلسطيني في أية مرحلة قادمة تجاه مجمل هذه الاستحقاقات والمسؤوليات فـإن الحكومة الفلسطينية مطالبة ـ بالإضافة إلى كل ذلك ـ تعزيز التوافق الداخلي وتنقية الأجواء بين الفصائل جميعها .. وبما يتماشى مع التطلعات التي يضعها عامة الفلسطينيين في الداخل والخارج و الشعوب المحبة للسلام .. على هذه الحكومة أن تبلور مخرجا لمجمل الانتكاسات التي لحقـت بالعمل السياسي الفلسطيني وألقت بأعباء إضافية على معاناة أوضـاع الفلسطينيين في الداخل إذ بدون استشعار هذه المسؤولية فلن يكون هناك تغيير في المشهد الراهن .. وسيبقى الحال كما هـو عليه منذ النكبة حتى يأتي يوم وتتوفر فيه إرادة الداخل الفلسطيني وقوة الموقف الخارجي لتحقيق تطلعات العالم المحب للسـلام في أن يكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة أسوة بدول العالم .