الفن التشكيلي .. التربية الفنية!¿
يكتبها: علي أحمد بارجاء
افتتöح في مدينة سيئون يوم الأحد الماضي مركز الأديب علي باكثير للتنمية الثقافية, الذي بني على الأرض التابعة لبيت الأديب علي باكثير, ويضم المركز إلى جانب مكتب وزارة الثقافة بوادي حضرموت أربع غرف كبيرة مخصصة لمكتبة عامة ومكتبة للمرأة والطفل, وقاعة لعرض الحرف التقليدية, وبين الغرف فناء واسع يصلح أن يكون معرضا للفنون التشكيلية, بالإضافة إلى احتواء المركز على قاعة للمسرح والندوات والمحاضرات.
لم يمض وقت طويل منذ أن آل بيت الأديب باكثير والأرض التابعة له إلى ملكية الدولة بالشراء من ورثته حتى سارعت السلطة المحلية بالوادي ببناء هذا المركز وتجهيزه ليزدهر فيه نشاط ثقافي حقيقي يديره مكتب وزارة الثقافة بعد أن ظل النشاط الثقافي راكدا لسنوات, وها هي السلطة المحلية بإنجاز بناء وتجهيز هذا المركز قد وضعت الكرة في ملعب وزارة الثقافة لدعم مكتبها بالوادي وتزويده بميزانية كافية ليقوم بدوره الثقافي المناط به.
ولا نريد أن يكون هذا المركز بديلا عن المركز الثقافي الكبير الذي كان ينبغي أن تقيمه وزارة الثقافة في سيئون, كمركز بلفقيه الثقافي في المكلا, وبخاصة أن الوزارة قد وعدت به منذ أكثر من خمسة عشر عاما خلت.
لم ينظم مكتب الثقافة أي فعاليات ثقافية خاصة به غير حفل الافتتاح الذي حضره وكيل المحافظة لشؤون الوادي الأستاذ سالم سعيد المنهالي, والأخ عادل ناصر وكيل وزارة الثقافة لقطاع الفنون الشعبية, والسبب هو عدم قدرة مكتب الوزارة على القيام بذلك في ظل شحة إمكانياتها المالية, ولكن لم يفت المكتب أن يتوج هذا الافتتاح بفعاليات ثقافية, حيث بادرت أكاديمية الموهوبين بسيئون بالتنسيق مع مكتب الثقافة لإعداد برنامج ضم عددا من الأنشطة الثقافية ليكون ذلك مشاركة فاعلة منها أنقذت بها الموقف, وأكملت النقص الذي سيجعل الافتتاح باردا باهتا, ومن أهم ما يعنينا من هذه الأنشطة هنا, هو إقامة معرض للفنون التشكيلية لسبعين فنانا من أبناء وادي حضرموت في الرسم والتصوير والنحت والتشكيل, وأيضا إقامة محاضرة بعنوان: (واقع الفن التشكيلي وآفاق تطوره) قدمها الفنان التشكيلي الأستاذ عبدالرحمن حسن السقاف, مدير عام الهيئة العامة للآثار والمخطوطات والمتاحف.
جاءت هاتان الفعاليتان الثقافيتان لتسجلا بداية انطلاقة حسنة للفن التشكيلي الذي أصبح نسيا منسيا, ورسالة تجدöد الدعوة للاهتمام به, لأن لهذا الفن أثرا كبيرا في تربية الجمال, وتنمية التذوق الفني, وتوجيه السلوك إلى إدراك جمال الحياة وما فيها من كائنات, إلى جانب رسالته التثقيفية التي لا يزال العالم يرعاها ويحرص على تطويرها وتنميتها.
الفن التشكيلي يعتمد على المهارة التي لا يمكن تنميتها في الإنسان إلا في مراحله العمرية الأولى, ولذا حرصت وزارات التربية والتعليم في دول العالم على جعل مادة التربية الفنية من المواد الدراسية في التعليم العام, كما حرصت على تخريج مختصين في تدريسها, يتخرجون في معاهد عليا للفنون, أو في أقسام للتربية الفنية في كليات التربية بالجامعات. لتزويد المدارس بمعلمين مختصين.
في مدارسنا الأساسية والثانوية لم يعد للتربية الفنية وجود, ربما بسبب ما تواجه به فنون الرسم والتشكيل من انتقادات من بعض شيوخ الدöين الذين يرون تحريمها, وربما بسبب عدم وجود مدرسين مختصين بعدد كاف يغطي جميع المدارس. وهذا يعود إلى عدم وجود قسم خاص بالتربية الفنية في كليات التربية يتخرج فيها من يستطيعون رفد وزارة التربية بالكادر القادر على تدريسها. فكيف توجد هذه المادة في كل الدول العربية بما في ذلك جارتنا الشقيقة المملكة العربية السعودية, ولا توجد في مدارس بلد عريق تاريخيا كاليمن¿
فهل ستبادر الجامعات اليمنية بفتح أقسام للتربية الفنية في كليات التربية, وهل ستعيد وزارة التربية والتعليم الاعتبار للتربية الفنية لتكون مادة من المواد في التعليم العام¿