أين الوطن وأهله من المصالحة الوطنية الشاملة ¿
حسن أحمد اللوزي
تبقى المصالحة الوطنية قيمة عقيدية ووطنية عظيمة وهدفا إنسانيا نبيلا وساميا يشغل عقل وقلب وضمير كل إنسان يشاهد ويعيش كل يوم ما تفعله الخلافات والصراعات ببني وطنه وسلامة وأمن واستقرار وطنه في أكثر من جانب ومجال وفي محيط المعاناة المتعددة !!
ولذلك ما زالت تتكرر الدعوات الصادقة والمخلصة لتحقيقها كمتطلب جوهري لا يختلف عليه اثنان ولقد كانت في مقدمة الأهداف والمهام التي أنيطت بمؤتمر الحوار الوطني وفي صلب اختصاص واحدة من مكوناته التسعة أعني فريق العمل الخاص بالقضايا ذات بعد وطني والمصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية
غير أنه وللأسف الشديد اختلطت الأطروحات والأفكار حول أسبقية ماذا المصالحة الوطنية أم العدالة الانتقالية ¿¿ وبلغ الاختلاط أشد صوره إيلاما حين تشابه الجدل في ذلك بالمأزق البيزنطي حول البيضة والدجاجة وأيهما أسبق في الوجود مع اعتذاري عن هذا التشبيه لقدسية وخطورة ما تعنيه المصالحة الوطنية بالنسبة لسلامة المجتمع وتماسكه والقضاء على كل الاختلافات المفرقة للإخوة في الوطن الواحد والممزقة للأواصر والمزهقة للدماء والأرواح والمدمرة للإمكانيات والمقدرات والمعطلة للطاقات والقدرات كما هو ماثل في بلادنا دون مبالغة أو مجافاة للحقيقة المريرة!!
نعم لولا غياب المصالحة الوطنية وتفاقم الخلافات لما بدا التشاؤم صارخا في المشهد الوطني العام بالصورة التي تكاد تتلف روح الأمل والتفاؤل التي تعززت قوة ودلالة استبشارية مع النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر الحوار الوطني الشامل
والحالة المرضية البادية في الحياة السياسية أشد قسوة بين العديد من الأطراف التي صنعت ذلكم النجاح والذي لم يحصنها من التورط في المواجهات القتالية بعد أن استنفذت طاقاتها في المواجهات الإعلامية البائسة والميئسة!!
فما الذي يمكن أن نتوقع من فريقين من الناس يتبادلان السباب والنعوت المقذعة هل يمكن أن يخرس أحدهما الآخر مهما قال وكرر وتفنن في الاختلاق والابتكار للمذمات! طبعا لا يمكن ذلك أبدا وطالما هناك من يستفيد من ذلك بل ويحتال من أجل استمراره في الاشتعال وإيغار القلوب والنفوس وتكدير الأحوال !
ولكن ما الذي يحدث مع تفاقم الإساءات ¿¿ لا شك تتنامى البغضاء والكراهية اللتان هما مصنع الحقد والضغينة وتزيد تلقائيا ضراوتهما وفي لحظة مباغتة ربما أو متعمدة تتحول الكلمات الخبيثة إلى أفعال مجرمة و الاتهامات إلى مواجهات وصراع وحروب وهلم جرا وجانب كبير مما يعانيه وطننا عائد إلى خبث الكلمات وتبادل اختلاق الاتهامات ولا شك بأن العلاج الأنجع لكل ذلك هو في إنهاء البذور الأولى الشريرة وتحقيق المصالحة بين المختلفين والمتصارعين ويجب عدم الاكتفاء بما يسمى الهدنة المؤقتة ويجب استئصال الخلافات من جذورها وصولا للمصالحة الوطنية الشاملة.. وإننا مع كل الخيرين من أبناء هذا الوطن العزيز الغالي وطن الإيمان والحكمة والأفئدة الرقيقة والعقول المستنيرة.. لن نيأس من مواصلة الكتابة وتكرار الدعوات حتى تتحقق هذه الغاية الدينية والوطنية العظيمة كمهاد جليل للعدالة الانتقالية أو خطوة متزامنة معها
وخاصة وقد أكدت على ذلك وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ضمن متطلبات التهيئة للاستفتاء على الدستور بعد إنجازه وإجراء الانتخابات التي سوف ينص عليها ويحددها الدستور خلال مدة أقصاها سنة وقد نصت الوثيقة بالتحديد على (( اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلا.))
وليس هناك في طلب الاستدلال من أجل ما ندعو إليه ما هو أفضل من استدعاء الآيات القرآنية الكريمة التي نزلت في وصف مجتمع المدينة المنورة مجتمع القيم والأخلاق الإسلامية السامية حيث النفوس والقلوب العامرة بالإيمان والحب والإخاء والجود والسخاء ولا مكان فيها للغل والشحناء قال سبحانه وتعالى (لöلúفقراءö الúمهاجöرöين الذöين أخúرöجوا مöنú دöيارöهöمú وأمúوالöهöمú يبúتغون فضúلا مöن اللهö ورöضúوانا وينúصرون الله ورسوله أولئöك هم الصادöقون * والذöين تبوأوا الدار والúأöيمان مöنú قبúلöهöمú يحöبون منú هاجر إöليúهöمú ولا يجöدون فöي صدورöهöمú حاجة مöما أوتوا ويؤúثöرون على أنúفسöهöمú ولوú كان بöهöمú خصاصة ومنú يوق شح نفúسöهö فأولئöك هم الúمفúلöحون * والذöين جاءوا مöنú بعúدöهöمú يقولون ربنا اغúفöرú لنا ولöإöخúوانöنا الذöين سبقونا بöالúأöيمانö ولا تجúعلú فöي قلو