وحده من ينجز !!!

عبدالرحمن بجاش


 - كل يوم عند الرابعة عصرا اسمع صوت سيارته المميز , إذ لا يخلف وعده !!! , ففي نفس اللحظة التي يكون فيه%99 منتفخة أوداجهم يلتون ويعجنون في كل شيء وبلا جدوى
كل يوم عند الرابعة عصرا اسمع صوت سيارته المميز , إذ لا يخلف وعده !!! , ففي نفس اللحظة التي يكون فيه%99 منتفخة أوداجهم يلتون ويعجنون في كل شيء وبلا جدوى ,ويكون الفاسدون يخططون لطبخات نتنة جديدة , وفي نفس اللحظة التي تكون فيها النسوة يقضين تفاريطهن في دواوين المدائع والنميمة , يكون هو الوحيد الذي يتحمل كل أوساخنا وبقايانا , بكل رضا , لا يتأفف , ولا يتذمر , ولا يشكو من راتبه الذي لا يكاد يغطي كفاف يومه في نفس الوقت الذي يشكو فيه أناس من التخمة في كل شيء حتى انتفاخ أجسادهم !! , أكون أنا وصديقي بدر نكرر ملاحظتنا يوميا , حيث اثنان لا يتأخران عن موعد الرابعة عصرا !!! , العصفور ذو الرأس الأسود والشكل الجميل من يأتي إلى نفس الساق على الشجرة المنتصبة أمام النافذة , وعامل النظافة بسيارة النظافة بصوتها الذي تدركه الأذن جيدا , ينطلق نفس السؤال اليومي من بدر : صاحبك وصل , وأقول أنا : الوحيد الذي يؤدي عمله بهدوء ولا يمسك في يده كشفا بمكافأة , ولا يحتج ولا يتبرم , بل يتحمل كل سيئاتنا في الأكياس السوداء , والتي يبخل أيضا بعضهم فيؤخرها في حوش المنزل , وبعضهم يسمع عامل النظافة اسطوانات من الإساءة والكبر , وهو يتحمل بكل هدوء , ولا يمد يده ولا يطلب !! , ويعود بدر يسألني : أيش يسمونه في اليابان ¿¿ – مهندس النظافة , واسمع صوت صاحبي : الله , وأضيف أنا : وتعقد له الاختبارات , ويعطى راتبا من أعلى الرواتب , ما يجعل فئات كثيرة تحسده عليه , لكنها تحترمه وتقدره , وينظر إليه باعتباره احد أفراد النخبة !! وانظر الفرق بين نخبنا ونخبهم ¿¿ نخبهم أناس ينجزون , ويعملون بلا كلل , ونخبنا تعمل كل شيء إلا الانجاز , أو العمل من أصله !!, وعامل النظافة عندنا هو الوحيد الذي يلتزم , ويحترم , ولا يمن , ويعيش في أسوأ الظروف , ويستلم أحقر الرواتب , التي يخصم منها ما يتيسر !! وهو صامت لا ينفعل ولا يحتج , وترى الأسوأ فينا يعوج لقفه ويرميها في وجهك هو ( إلا خادم ) , بينما عامل النظافة اشرف , وأنزه , وأكرم منه , بل هو من ينجز , ومن يعطي بلا كلل وبلا ملل , وبلا تبرم كما سبق وقلت , ما يدعوني إلى القول أن على هذا المجتمع إذا شاء أن يكون مجتمعا أن يكرم عامل النظافة باحترامه , والحكومة إن أرادت تحسين ظروف عيشه , ومن الصحافة المحترمة تحديدا أن تحوله إلى نموذج للعطاء والبذل بدون طلب المقابل , حيث وصلنا إلى درجة انك إذا قلت ل …… كيف حالك ¿ رد : أصرفوا ما ترونه حياكم الله ….أرفعوا أياديكم احتراما لكل عمال النظافة , وكرموهم كما قلنا باحترامهم , وآدميتهم , وأشعروهم فقط بأن لولاهم لتحولنا إلى مجرد ( جيف ) , وتذكروا فقط أن النظافة من الإيمان …..نظافة كل شيء ……ودمتم .

قد يعجبك ايضا