تراحيل

بلقيس الكبسي

أصبح في الوقت متسعا لكل شيء.. لإعادة سرد الحكايات من أولها .. للعروض المتكررة .. فثمة أشياء تستفز التكرار بحاجة ماسة لإعادتها من جديد .. فأي هراء ذاك الذي كانت تهذي به – الأماكن تحتضن عشاقها- يا لها خيبة الاعتقاد ما أشد قسوتها .. ! ولن يبرأ جرح الخيبة إلا بغياب موجع يحرق نخاع الوجد..
رفعت راية الانسحاب .. ودعت حنين الأماكن .. جمعتú ذكريات باذخة بالألم والأمل .. بقايا مواجيد قلب يتيم .. حزن قديم .. وحلم يزهو بنعاس جميل .. واستعدت للرحيل ..
ترافقها حقائب فاخرة بالوجد الموجع لقلب وطن منهوب هو إرثها الباقي وغادرت من ألمها الكبير إلى وجعها الأكبر .. تاركة خلفها سطورا ثكلى .. حبرا من أنين .. حروفا يغشاها سهاد أليم .. وقلوبا تضج بالحنين..!
وقبل الرحيل .. نسجت مخطوطة قلب أليم.. تحكي تعويذة شفاء مبرح.. للأوجاع المتناقضة .. نحتت مطلعها بإيقونة صمت .. وابتهلت ترتلها بخشوع ما بين الشك واليقين وهمست:
لمن يمضغون الألم بصمت .. كل الآلام مذاقها حاد كموس شرس .. ولا نملك سوى العض على شفاهنا بصمت .. عندما تلتصق مخالبها بأرواحنا .. وتغرز أنيابها فينا .. لحظتها على صمت الأنين أن يلتهم كل الثرثرات الصاخبة..! ريثما تلتقطنا عدسة الحياة بتصويب ثاقب .. وما علينا سوى أن يختار كل منا مكانه بعناية فائقة .. تحدق فينا بينما نتخير مواضعنا .. أين يضع كل منا نفسه ..¿ أين يجب أن نكون ..¿ فداخل إطارها الكوني .. ستخلد الصورة .. !

قد يعجبك ايضا