الخروج من المأزق الأميركي !!
عبد الحليم سيف
في الأنباء أن كبار المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين سيجتمعون اليوم الأحد بحضور المبعوث الأميركي انديك لإنقاذ “عملية السلام ” في إطار محاولة جديدة استجدت بعد سويعات من تصريح لجون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة أطلقه أمس الأول من الرباط .. قال فيه انه سيطلب من الرئيس بارك اوباما اتخاذ موقف واضح حيال الجدوى من استمرار جهود واشنطن الرامية لإحياء المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية .
والمفارقة هي أن هذه الخطوة المباغتة تأتي بعد التبريد المتعمد للمسار التفاوضي وانفراد واشنطن في هذا الملف اثر الانقسام الفلسطيني الداخلي وغياب الدور العربي وانكفاء اللجنة الرباعية إضافة إلى الواقع المتفجر التي تعيشه المنطقة منذ ثلاث سنوات بفعل أحداث التغيير الناجمة عن هبات “الربيع العربي” وهي أوضاع وظفها حلفاء تل أبيب لصالح الكيان الصهيوني.
وفي موازاة ذلك ساهمت الإدارة الأميركية في موقفها المنحاز لحكومة إسرائيل حد أن باراك أوباما نفسه لم يعد يتذكر تصريحه الذي أطلقه من جامعة القاهرة يوم زارها عقب توليه الرئاسة حينذاك تعهد الرجل بممارسة ضغوطه لوقف تصعيد عملية بناء المستعمرات في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهو ما لم يتم ..فقد استمر الموقف في دائرة التجاهل ليستذكره عند ما تكون حاجة واشنطن لمواقف عربية وإسلامية تسندها ضد خصومهم في المنطقة والعالم .
وفي الواقع ليست العلة في تصلب مواقف وزارة المستوطنين الصهاينة ولاهي كذلك في ممارسة حكومة الاحتلال ونهجها التوسعي الإستئصالي العنصري فحسب وإنما في غياب الوسيط الأميركي النزيه والمحايد .. فبدلا من أن ينفق الوزير جون كيري وقته خلال كل جولاته المكوكية الـ39 بين الضفة والقدس لممارسة الضغط على الجانب الفلسطيني الذي لم يعد لديه ما يقدم من تنازلات كان الأولى به أن يرمي بثقله ناحية الطرف المعرقل المعروف للعالم وهو ” الإسرائيلي ” فيجبره على إزالة الكوابح المعيقة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس وحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو غداة استئنافها في يوليو الماضي وكان هدفها إبرام اتفاق ينتهي في “تسعة أشهر” يتضمن قيام دولتين على حدود أراضي 1967م وعودة اللاجئين والقدس الشرقية وغيرها من القضايا الإستراتيجية المتصلة بعملية التسوية .
الواضح ..أن هذا التطور الجديد ظهر بصورة مفاجأة اثر بروز عائق حقيقي مصدره حكومة “بيبي ” فهي تتهرب من الوفاء بما تلتزم به علنية فقد تراجعت في اللحظات الأخيرة( 29-3) عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى الفلسطينيين (عددهم 104 ) الذين اسروا قبل اتفاق أوسلو 1993م وربطته بشرط إطلاق سراح الجاسوس الأميركي في واشنطن وهو أمر أثار استغراب الكثير من المحللين والسياسيين من كونه لم يكن مطروحا في اتفاق يوليو و لم ير فيه كيري عقبة أمام المضي قدما في تنفيذ الاتفاق وفي هذه الأثناء شعر الجانب الفلسطيني أن لا فائدة من الاستمرار في مفاوضات عقيمة تريدها حكومة نتانياهو أن تبقى في دائرة “التمديد” مع تواصل كل مظاهر الاستعمار الاستيطاني وتقطيع أوصال الأراضي المحتلة في القدس والضفة الغربية وتهويد كافة المعالم التاريخية الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية .
ولأن الأمور وصلت حدا لا يمكن السكوت عليه ولم يعد هناك جدوى من انتظار ما لم يأت من الراعي الأميركي فما كان من أبو مازن إلا اتخاذ ما كان ينبغي فعله قبل عام وهو التوقيع على 18 طلبا تقضي بانضمام دولة فلسطين إلى عضوية المنظمات والمعاهدات والاتفاقات الدولية كمعاهدة جنيف الرابعة واتفاق حقوق الطفل ومعاهدة مناهضة الفصل العنصري وحقوق المرأة وسواها من منظومة القانون الدولي والإنساني المؤكدة لحق تقرير المصير والتحرر من الاستعمار و توفير الحماية اللازمة للسكان تحت الأرضي المحتلة ومنع سلطات الاحتلال من ممارسة أعمال القمع والاضطهاد ومصادرة الحقوق والأراضي والتهجير والعنصرية . وهذه ممارسات يعيشها الشعب الفلسطيني دون أن تقوم الأمم المتحدة ومجلس أمنها الموقر ومنظماتها الكبيرة في إلزام إسرائيل باحترام المواثيق الدولية وتنفيذ قرار أو حتى نصف قرار !! .
قد لا يكون هناك اليوم مجال أو استعجال للحل العادل لقضية يتمنى العالم حلها مثل قضية الشعب الفلسطيني فهذه القضية بكل ما فيها من مآس تنتظر تطبيق قرارات الأمم المتحدة التى وحدها تعيد الحق المغتصب أهله وتزيل الاحتلال الصهيوني با