مشكلاتنا أمنية
جميل مفرöح
في هذه المساحة وفي سواها كثيرا ما كتبت وشددت ككاتب وكمواطن على الإشارة إلى أن عنصر الأمن هو الأرضية المتطلبة اليوم لتوفر عناصر الحياة الأخرى خصوصا مع ما تمر به البلاد في الوقت الراهن من اضطرابات ومشكلات سياسية واجتماعية واقتصادية يبرز عنصر الأمن وتدني مستواه كواحد من أهم عواملها وأسبابها بل وحواضنها.. ولست وحدي من أقول ذلك أو أشدد عليه وليس ذلك الرأي أو الطرح من باب الاحتمال والمجازفة أو الاختلاق فكثير من المطلعين على وضع البلاد يرون ويطرحون نفس الرأي من قراءة متأنية ومتدبرة في ما تشهده البلاد من انفلات يبعث على القلق والريبة عند العامة والخاصة..
* والملاحظ أن ذلك الرأي هو ما تتفق معه الجهات الأمنية وفي مقدمتها وزارة الداخلية المعني الأول بأمر الأمن ومن ذلك الاتفاق في الرأي وتحديد المشكلة الأولى التي يمكن أن ينبني عليها كل الآمال المرجوة للتخلص من الأزمات المتوالية والمتوافدة على جسد الوطن نجد القيادة الجديدة لوزارة الداخلية منذ الأسبوع الأول لتوليها مهامها وهي تباشر في اتخاذ الإجراءات التتبعية والاستطلاعية ودراسة الواقع الأمني عن قرب من قبل قياداتها وعلى رأسهم الأخ الوزير عبر زيارات ميدانية لمختلف المنشآت الأمنية والمتعلقة بالعمل الأمني وتلمس أوضاعها وأحوالها وتغيير الكثير من الكوادر المقصرة في أدائها وفي المقابل تكريم المجيدة والمتميزة في أدائها على اعتبارات متعلقة بالأداء الوظيفي وحسب.. بالإضافة إلى تعزيز الحراسات الأمنية والتشديد على الرفع من مستوى يقظتها وفي مقدمة ذلك أهمية تعزيز النقاط الأمنية على مداخل أمانة العاصمة..
* كل تلك التحركات والمظاهر تدل على أن قيادة الوزارة تدرك أهمية تفعيل الجانب الأمني باعتباره بالفعل أرضية حاضنة لأي مشروع بنائي في مختلف ميادين الحياة اليوم وأنه بالافتقاد إلى ضمان هذا العنصر لا يمكن الوثوق في أية عملية سياسية أو إصلاحية أو بنائية مهما كانت طموحة ومهما كان أساسها من المتانة بمكان.. ولعل المتتبع لأحوال الوطن ومتغيرات أوضاعه يلاحظ بجلاء أن أبرز ما يقف في وجه محاولات الانتقال بالبلاد من وضعها الراهن إلى وضع أفضل ومتغير أجدى هو الانفلات الأمني الذي يمثل ميدانا لكل من أراد ويريد سوءا بالوطن وبما تحقق ويتحقق من عمليات سياسية طامحة ومتفائلة..
* فالانفلات الأمني بأي حال من الأحوال وباتفاق العامة والخاصة هو من يوفر المساحات الواسعة للمخربين والأشرار ليعيثوا في البلاد سوءا وبلاء.. ولو تم التغلب عليه والتخلص منه مثلا لن نجد من يسفك دما ولا من يقطع طريقا ولا من يقطع خطوط كهرباء أو أنابيب نفط.. أو إن توفر الأمن المناسب على الأقل سيقلل من تلك الاعتداءات والأعمال الإجرامية غير الأخلاقية.. فمن الواضح والطبيعي أن يكون تكرر وتكثف هذه الأعمال من أكثر ما يؤثر في العملية السياسية ويقوضها أو على الأقل يؤخر فاعليتها.. خصوصا حين نجد أن الأطراف والقوى السياسية تكاد ينحصر شغلها وانشغالها في اتهام بعضها بالوقوف وراء هذه الأعمال السيئة من جانب وتشغل الدولة عن القيام بمهامها الأساسية المفترضة لإنجاح العملية السياسية الراهنة..\
* في الأخير أود إعادة وتكرار التأكيد على ضرورة توفر الجانب الأمني وأدعو إلى الإشادة بالتحركات الملموسة من قبل القيادة الجديدة لوزارة الداخلية ودعم هذه التحركات والحملات الأمنية الإيجابية كما يطيب لي بل يلح علي كواجب من جانب آخر أن أدعو قيادة الوزارة ومعي كل أبناء الوطن إلى مواصلة هذه الجهود الحثيثة ليس من أجل طرف ما أو توجه ما ولكن من أجل الوطن الأب الأكبر للجميع والذي تسبق طاعته طاعة سواه ويملي علينا الانتماء إليه أداء واجباتنا ناحيته كما يجب وليس كما تريد أهواؤنا وانتماءاتنا الأخرى التي لا تساوي شيئا إذا ما لزمت المقارنة بينها وبين انتمائنا إليه.. والله من وراء القصد والمبتغى.