فخ ” الخصخصة ” !!
أحمد غراب
كثر الحديث هذه الأيام عن الخصخصة وشرعنا نسمع من يتحدث عن خصخصات لبعض مؤسسات الدولة وازدادت حمى الأخبار حتى سمعنا من يتحدث عن خصخصة مصافي عدن ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الشائعات بل إن هناك من تحدث عن طرح فكرة خصخصة البنك المركزي اليمني ورغم النفي الرسمي أن الأمر يوجب التحذير بشكل نهائي من فتح باب الخصخصة مرة أخرى لأن هذا الباب جر على البلاد واليمنيين رياحا من الفساد والبطالة كانوا في غنى عنها وساهم في تدمير مصانع وشركات بيع بسعر الكنس وبأبخس الاثمان واتضح مع الوقت أن باب الخصخصة أو بالأصح “الغصغصة” لم يكن سوى نافذة للفساد والهبش بجميع الأنواع.
لا للخصخصة لا لبيع مؤسسات الدولة تحت أي ضغوط يجب أن نرفض تكرار هذا الفساد العلني مرتين يكفي ما خسرته البلاد وجنته من وراء الغصغصة المزعومة في سنوات سابقة وإليكم صورة مصغرة من بعض ما حدث في مشاريع الخصخصة السابقة التي يبدو أن هناك من النافذين من يسعون الآن إلى تكرار ذلك السيناريو من جديدة وهذه المرة عيونهم على مؤسسات عملاقة تمثل واجهة الدولة الاقتصادية.
من هذا المجنون الذي يتحدث عن خصخصة البنك المركزي اليمني ¿!! أي عقول هذه ¿ وكيف تفكر¿!
هتفت قبل سنوات وقلت يا حراجاه يا رواجاه يا بلاشاه! شركة حكومية يمنية للبيع بسعر الكنس وفق نظام الخصخصة أو بالأصح “الغصغصة” المهم تدفع حق “الدلالين والسماسرة”.
شركة حكومية بيعت بثمانية وسبعين مليونا وأربعمائة وخمسة وثمانين ألف ريال في حين أن قيمتها (مع الأرض الواسعة التي تتربع عليها) تزيد على المليار وثمانمائة مليون ريال!
وفي مشروع آخر لـ”الغصغصة” الحكومية تم تأجير مصنع القطن في عدن لأحد التجار بإيجار قدره خمسة آلاف دولار سنويا تخيلوا لمدة كم!¿… تسع وتسعين سنة مع العلم أن سعة المصنع الإنتاجية كانت تصل إلى اثني عشر ألف طن وأن معداته من النوع الأصلي المستورد من ألمانيا الشرقية بعناية.
على قارعة الطريق وتحت أشعة الشمس الحارقة يقف عمال مصنع الغزل والنسيج في تظاهرة مستمرة أمام وزارة الصناعة والتجارة بعد أن شرöدوا في الشوارع. فأي خصخصة هذه التي تشرد آلاف العمال وتحرمهم لقمة عيشهم لكي تتخم بطون عشرات المسؤولين بعمولات بالملايين.
هناك آثار سلبية للخصخصة على الميزان التجاري للدولة. والأقسى من هذا وذاك هو عمليات الفساد والبيع البخس لمؤسسات وشركات لقطاع العام في ظل عدم حضور الجهات الرقابية وعدم اتخاذ النيابة إجراءات حازمة بحق المتورطين في قضايا الفساد المتعلقة بالخصخصة ووجود مسؤولين كبار يضغطون على الحكومة لمواصلة عمليات الخصخصة لا لشيء إلا للحصول على عمولات بالملايين. ولا أريد هنا أن أخوض في أرقام العمولات التي حصل عليها بعض المسؤولين من الكثير من الشركات التي تم تخصيصها ومزادات وسماسرة ونخاسي “القطاع العام”.
الخصخصة في ظل الفساد تأتي من باب “دور يداويه زاد اعماه” و”يا هارب من الموت يا ملاقي له”! وأتذكر هنا مقولة لأحد الخبراء الاقتصاديين في بلادنا: “الخصخصة وقعت في خنادق مؤلمة ربح فيها الفساد الجولات الرئيسة والخاسرون فيها هم العمال وأسرهم”.
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي
اللهم ارحم ابي واسكنه فسيح جناتك وجميع اموات المسلمين