ع. ب. شöركة
يكتبها / علي بارجاء
(ع. ب. شöرúكهú) من الأمثال الحضرمية, قليل في بنيته, كثير في دلالته, فـ(ع) هي أول كلمة (عيال), و(ب) أول كلمة (بليس) أي: (إبليس) كما تنطق في العامية. والمعنى أن (أولاد إبليس شركة) يتفقون على عدم النفع. ويسعون إلى إلحاق الضرر.
وينسحب المثل اليوم ليدل على أن الأحزاب السياسية, هي (عيال إبليس) لأنها تفرöق ولا تجمع, تخرöب ولا تبني, تسعى من أجل مصالحها, ولا تهتم بمصالح الوطن والإنسان, فالأحزاب (شركة) متفقون على عدم النفع, ومتوافقون على الخراب. وليذهب الوطن والمواطن إلى الجحيم.
ماذا فعلت هذه الأحزاب خلال السنوات الماضية¿ وماذا حققت¿ لم تفعل شيئا سوى رفع الشعارات, ابتداء من حشو أدبياتها بالكلام المنمق, والعبارات الرنانة, والأماني التي يسيل لها لعاب الشعب المغلوب على أمره, الطامح للخلاص من العذابات, المتطلöع إلى الحياة السعيدة والعيش الكريم. فصارت أدبيات تلك الأحزاب كأنها مجرد سنارات أو شبكات صياد, يحتالون بها على الشعب ليصطادوا المزيد من الأعضاء والأنصار والمؤيدين, فيغسلون أدمغتهم, ويحشون فكرهم وهؤلاء بدورهم (يطبöلون لهم بöشن من أجل أن يقضوا شان), كما عبر الشاعر المحضار.
نريد من يبادر ويتصدى ليجمع الشعارات البراقة التي رفعت منذ ثورة سبتمبر وأكتوبر, مرورا بمراحل الصراع السياسي الذي راح ضحيته الآلاف من بين الفرقاء السياسيين اليمنيين, وانتهاء بما سمي بثورة الشباب المتأثرة بالربيع العربي المشؤوم. لنرى كم هو عدد تلك الشعارات¿ وما الذي تحقق منها على الواقع وظل الشعب يجني فوائدها لصالحه إلى اليوم¿.
المشكلة أن الشعارات التي رفعت وردöدت بعد ثورة الشباب, وخلال ثلاث سنوات فقط, ربما أضعاف الشعارات سابقا. ولكن لم يتحقق منها شيء لأنها شعارات. في الوقت الذي لم يكن رافعوها حريصين حتى على تطبيق الحد الأدنى منها. وليس من سبب لذلك, سوى غياب الدولة, وعدم قدرتها على فرض هيبتها وهيمنتها على الجميع. فلا شيء يمكن أن يتحقق في ظل غياب الرقابة والثواب والعقاب. ولا شيء يمكن أن يتحقق ما بقöي كل متنفöذ يستطيع أن يرفض أو يمنع تنفيذ ما يتخذ من قرارات.
هل نسي هؤلاء أننا في القرن الحادي والعشرين, وأن الشعارات لم تعد مجدية! وأن عقول الشعب اليوم لم تعد كعقول زمن السبعينيات من القرن العشرين الذي ضحكوا فيها عليه وبقوة الحديد والنار!
صحيح أننا بصدد إعداد الدستور الجديد, وبصدد التحضير للانتقال للدولة الاتحادية, ولكن هذين المشروعين بحاجة إلى دولة قوية تبسط نفوذها أولا, وإذا كنا في دولة حقيقية فينبغي أن نرى أثرها على الواقع, أما كثرة الخطابات, ورفع الشعارات, واتخاذ قرارات, ووضع قوانين لا تنفذ, فذلك شيء لا يمكن وصفه أكثر من أنه مجرد أوهام, وكلام يطير في الهواء. وكأنه كلام قيل في الليل, فيأتي النهار ليمحوه. أو كأنه كلام قيل في ساعة تخزين سليمانية ينتهي إلى لا شيء.
التجارب تثبöت أننا في اليمن نقرر ولا نفعل, نرفع العصا ونضرب بها الهواء, ونحارب طواحينه, ونترك المتسببين في تقهقرنا, والواقفين حجر عثرة في سبيل تقدمنا يعبثون, فلا نستطيع أن نفعل تجاههم شيئا. ولو كان الأمر بيدي لقلت أن كل الأحزاب بلا استثناء هي المعرقلة. وأمام الدولة الآن الفصل السابع, ولكنها تخشى أن تبوح بالأسماء الحقيقية للمعرقلين, أما أن نسمع كل يوم اتهامات لمن لا يستحق, ونخفي أسماء من يستحق, فتلك هي الطامة الكبرى.
إن الجميع (شركة) في إبقائنا ننعم بالأوهام, من غير أن يتحقق شيء ملموس على الواقع. وما ذلك إلا لأن الذين يرون أن أمرنا بأيديهم هم (ع. ب.).