يوم الشعب استعاد كرامته
علي العماري
من نافلة القول أن يوم جمعة الكرامة 18 مارس 2011م يوم استعاد فيه الشعب اليمني كرامته المسلوبة وستظل ذكراه محفورة في ذاكرتنا الجمعية لأجيال قادمة كواحد من أيامنا المفصلية وأحداث اليمن الحافلة بالعبر والدروس والمآثر البطولية والشجاعة والتضحية العظيمة لشباب الثورة الشعبية السلمية.
جمعة ارتوت فيها كروم الأرض اليمنية العطشى لنور الحرية من دماء شابة طاهرة زكية وغالية.
من منا لا يتذكر ذلك المشهد المهيب للشباب الثوار وهم يدكون الجدار العازل ويواجهون الحرائق والدخان والرصاص بأيديهم المجردة وصدورهم العارية من يجرؤ على نسيان مشاهد المجزرة المروعة فحتى القتلة أنفسهم لا يستطيعون إنكار جريمتهم وستظل وصمة عار تطاردهم حتى آخر يوم من حياتهم.
من ينسى ذلك اليوم الملحمي لشباب الثورة الذين أظهروا شجاعة نادرة وبسالة وإقداما قل نظيره ومن منا لم يذرف دموع الحزن من أجلهم أو يتعاطف مع ثورتهم بأهدافها النبيلة وجسارة وعظمة مناضليها من الشباب والأطفال والرجال والنساء والشيوخ.
ألا تستحق مذبحة جمعة الكرامة البشعة أن تدرج على قائمة موسوعة غينيس للأرقام القياسية نظرا للعدد الكبير من الشهداء والجرحى الذين سقطوا وقتلوا فيها بدم بارد وقدموا أرواحهم الزكية فداء للوطن وعزته وكرامته.
ألم يتحول ذلك اليوم من نصر للقتلة إلى هزيمة مدوية هزت أركان النظام وفضحت همجيته ووحشيته وعرته في وضح النهار بكشف أساليبه القمعية الدموية وأكسبت الثورة زخما ثوريا أكبر وتعاطفا شعبيا وعربيا ودوليا أوسع وأشمل.
لقد حازت الثورة اليمنية السلمية في بلد مدجج بالسلاح على إعجاب العالم وبسلميتها قوضت ركائز ودعائم العنف وخارت قواه أمام النشاط الثوري المتنامي وصمود الثوار السلميين المرابطين في ساحات وميادين الوطن الممتدة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.
وستظل الحرية الحلم الأزلي المنشود لكل كائن حي على وجه البسيطة إلى أن تنتهي الحياة على الأرض وسيبقى حلم الحرية حيا متجذرا ومتجددا في العقول والأفئدة وعشقا أبديا للإنسان الحر.
لكن هذه المقاربة لمفهوم الحرية تبقى ناقصة من دون الكرامة ولذلك فإن أكثر ما يستفز بني البشر خاصة هو الانتقاص من كرامتهم وإذا ما تجرأ أي حاكم على استفزاز شعبه بالتأكيد ستكون ردة الفعل قوية وعنيفة وقد تكون نهاية حكمه وإلى الأبد.
ولذلك فقد استفزت مجزرة جمعة الكرامة مشاعر الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه عدا ثلة قليلة من أصحاب النفوذ والمصالح الذين استحوذوا على السلطة والثروة لسنوات عديدة وأحرموا الشعب من أبسط مقومات الحياة الكريمة وأقصوا قواه الحية من ممارسة العمل السياسي بحرية.
فمتى نرتقي إلى مستوى عظمة ثورة 11 فبراير 2011م وتضحيات شبابها وتحديات المرحلة الراهنة للخروج باليمن إلى بر الأمان¿