أبعاد ودلالات الاحتفال باليوم العالمي في تعز
محمد العريقي
قضية المياه بكل إبعادها وتشعباتها أصبحت مثار اهتمام العالم بأسره لارتباطها بمجمل مكونات الحياة رغم أن الكثير من الدول التي تولي هذا الموضوع اعتبارا كبيرا في برامجها المختلفة قد لا تعاني شحة في مصادرها المائية كما هي الحال في بعض الدول العربية وبالأخص بلادنا التي تعد من ضمن أربع دول اشد فقرا مائيا في العالم, وتعطي تلك الدول قضية المياه بعدا استراتيجيا في خططها الوطنية والقومية بل ان هذا الموضوع أصبح محورا أساسيا في علاقات التعاون الدولية ورمزا للجهود, المشتركة التي ترعاها منظمة الأمم المتحدة الساعية لإيجاد الحلول الكفيلة لمواجهة شحه المياه وندرتها وما يرتبط بها أيضا من مشاكل متفرعة كالتلوث, والصراعات المحلية والإقليمية ,فكل هذه الأمور جعلت الأمم المتحدة تركز على قضية المياه كقضية عالمية مرتبطة بالسلم والاستقرار العالمي برمته حتى أنها خصصت يوما عالميا للمياه فالجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قرارا في ديسمبر 1992تم التصديق عليه بالإجماع أعلنت فيه يوم 22 مارس من كل عام يوما عالميا للمياه.
ووجه القرار الدول الأعضاء والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية بتخصيص هذا اليوم لاحتفالات ومهرجانات وندوات وحلقات نقاش تركز على القضايا والمشاكل التي تواجه موارد المياه وتبتدر وتناقش حلولا لهذه المشاكل ووسائل لتطبيق هذه الحلول.
وهذا العام يحتفل العالم باليوم العالمي للمياه تحت شعار ( المياه والطاقة)
وتهدف هذه الفكرة إلى معالجة العلاقة المتبادلة بين موارد المياه واحتياجات توليد الطاقة.
وشيء جيد أن تواكب اليمن دول العالم احتفالاتها بهذه المناسبة من خلال الفعاليات المختلفة التي ستنفذها في المحافظات لتظهر بذلك اهتماماتها بهذه القضية الحيوية ليس هذا وحسب بل لابد من أن تكون المياه قضية محورية وبرنامجا دائم المتابعة فالمياه تمثل التحدي الأبرز لكل مجريات الحياة في بلادنا وربما أصبح الكثير من الناس يستوعبون حقيقة الوضع المائي الحرج الذي تعيشه كل محافظات اليمن وتتفاوت تلك الخطورة من منطقة إلى أخرى ولعل مدينة تعز أصبحت نموذجا لهذه الأزمة الخانقة .
ولذلك كان اختيار مدينة تعز اختيارا موفقا للاحتفال الرسمي باليوم العالمي للمياه هذا العام ويكتسب هذا الإجراء أبعادا ودلائل عميقة أبرزها إشعار المجتمع المحلي والوطني والدولي بعمق هذه المشكلة .
فتعز ثاني اكبر مدينة في اليمن وهي أهم مدينة من الناحية السكانية والاقتصادية والنمو السكاني يصل إلى 6% سنويا بل إن محافظة تعز تعد في مقدمة المحافظات اليمنية التي تعاني من شحة مواردها المائية وتتواجد فيها عدة أحواض مائية معقدة التراكيب الجيولوجية وتعاني من استنزاف خطير, حيث تشير التقديرات إلى أن حجم التغذية للمياه الجوفية مقدرة بـ(15مليون م³/سنة), بينما يبلغ معدل الاستخدام (43 مليون م³/سنة) منها41 مليون م³/سنة من المياه الجوفية و 2 مليون م³/سنة من المياه السطحية ومقدار العجز يصل إلى (28 مليون م³ / سنة ).
وثانيا فإن مشهد الصراع المائي المحلي يبدو مقلقا في بعض مناطق تعز كما تابعنا مؤخرا ما حدث بين قريتي (قراضة والمرزوح) اللتين شهدتا اشتباكات خلفت عشرات الضحايا خلال الأشهر الماضية عقب خلاف على عين ماء وكل أملنا أن تتوج جهود اللجنة المكلفة بحل النزاع بالنجاح .
وثالثا : فإن الترابط بين الطاقة والمياه يمكن ان يتجسد في تعز خاصة بعد ان وافق البنك الدولي على تقديم منحة قدرها 20 مليون دولار لتمويل مشروع محطة توليد الطاقة بالرياح في المخا فالمشروع يتكون من تشييد وتطوير المحطة التي ستنتج 60 ميجاوات, ولاشك ان هذا سيدعم التوجه المشجع نحو إقامة المزيد من مشاريع الطاقة في تعز وخاصة وهي ماضية نحو تنفيذ مشروع استراتيجي مائي هي محطة تحلية مياه البحر في المستقبل إن شاء الله .
وكما يؤكد المختصون فإن أمن الطاقة وأمن المياه والأمن الغذائي تعتبر من المشكلات المزمنة للنمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي حيث يتطلب إنتاج الغذاء توفير المياه والطاقة واستخراج المياه وتوزيعها يتطلب توفير الطاقة وإنتاج الطاقة يتطلب توفير المصادر المائية.
ومع التأكيد على كل هذه المعطيات والحقائق فإن الإنسان هو حجر الزاوية في حل مثل هذه المشاكل المستعصية وفي تعز التي تعاني من شح المياه ومشاكل محدودية الطاقة يتطلب الكثير من الجهود على المستوى المجتمعي ككل سؤاء من خلال حصاد المياه وترشيدها وكذلك حسن استغلال الطاقة و هذا يتطلب أيضا دور