الأفعال الكلامية في كتاب الحيوان للجاحظ
متابعة : د. محمد الحصماني

حصلت الباحث تغريد عبدالحكيم سيف غالب الشميري على درجة الدكتوراه في اللسانيات الحديثة بتقدير امتياز من كلية الآداب جامعة تعز عن اطروحتها الموسومة بـ : (الأفعال الكلامية في كتاب الحيوان للجاحظ في ضوء نظرية أفعال الكلام العامة ). ونظرا لتميز الأطروحة وجدة موضوعها ومنهجها فقد أوصت لجنة المناقشة والحكم برئاسة الأستاذ الدكتور: أحمد سالم الضريبي أستاذ اللسانيات الحديثة بجامعة عدن, المشرف على الاطروحة, وعضوية كل من الأستاذ الدكتور: محمود علي العباسي أستاذ اللسانيات بجامعة صنعاء, و الأستاذ الدكتور: عبدالله محمد سعيد أستاذ اللسانيات بجامعة تعز- بطباعة الأطروحة على نفقة جامعة تعز. وتبادلها مع الجامعات اليمنية.
وتأتي أهمية الأطروحة من كونها قاربت موضوعا غير مطروق كثيرا في الوسط الجامعي, واشتغلت على فرع لساني لم يحظ بالتفاتة أكاديمية حتى الآن من قبل الباحثين في الجامعات اليمنية وهو الفرع التداولي, كون هذا الفرع- كما تقول الباحثة-” يدرس علاقة النشاط اللغوي بمستعمليه وكيفية استخدام العلامات اللغوية بنجاح والسياقات والطبقات المقامية المختلفة التي ينجز ضمنها الخطاب ومعرفة العوامل التي تجعل من الخطاب رسالة تواصلية واضحة وناجحة والأسباب التي تعيق عملية التواصل وتؤدي إلى فشلها” ولان التداولية اطار نظري ومرجعية ابستمولوجية في التواصل اللساني الحديث فقد بلور المشتغلون عليها مجموعة من المفاهيم والآليات الإجرائية, أبرزها- كما تقول الباحثة-: (الاستلزام الحواري والافتراض المسبق والإشاريات والأفعال الكلامية) والمفهوم الأخير -برأي الباحثة – “مفهوم متميز من الدراسة التداولية ويشكل جزءا أساسيا من بنيتها النظرية والنواة المركزية لها فقد رأى المشتغلون على مفهوم الأفعال الكلامية أن وظيفة اللغة لا تنحصر في نقل خبر أو وصف واقعة وإنما اللغة أفعال تنجز وتحقق ما تحمله من المعاني بمجرد النطق بها والكلام بذلك لا يعبر عن شيء فقط وإنما يفعل أيضا فالكلام فعل ينجز وعليه فالبحث في هذا الموضوع هو بحث في أساس يعد من أكبر أسس التداولية” , ومن هذا المنطلق فقد ارتأت الباحثة تغريد أن تكون اللسانيات التداولية وأفعال الكلام خصوصا هي الجانب التطبيقي لأطروحتها الموسومة بــ (الأفعال الكلامية في كتاب الحيوان للجاحظ في ضوء نظرية أفعال الكلام العامة), يحدوها طموح علمي غايته” استقصاء ووصف الأفعال الكلامية الرائجة في(كتاب الحيوان) للجاحظ , وتقديم تحليل تداولي لنص نثري على وفق معايير نظرية أفعال الكلام العامة , ولاسيما المبادئ الإجرائية التي بلورها الفيلسوف الإنجليزي جون أوستين والفيلسوف الأمريكي جون سيرل, والإفادة من الإضافات المنهجية التي طعم بها الفيلسوف الأمريكي بول غرايس تلك المبادئ الإجرائية, كجزئية أساسية تكميلية لبناء النظرية وتقنين منهج لساني تداولي دقيق, فضلا عن استحضار مساهمات اللغويين والنقاد العرب المتقدمين وإشاراتهم التي تمثل ملمحا بارزا يكشف عن إدراكهم ووعيهم لنظرية الأفعال الكلامية حتى وإن لم تدون في إطار نظري” وقد بررت الباحثة اختيارها لكتاب الحيوان للجاحظ – دون غيره من كتب التراث العربي- لتطبيق تلك المبادئ والإجراءات المنهجية بالقول:” اختارت الدراسة ( كتاب الحيوان) للجاحظ لكثرة أساليب الحوار فيه وتنوعها واختلافها ما بين الأساليب الخبرية والأساليب الإنشائية فضلا عن أن ( كتاب الحيوان) من المصادر التراثية ذات القيمة اللغوية العالية نظرا لما يحمله من معارف ومعان ودلالات شتى تحتاج إلى من يتفحص مراميها ويستبطن مكامنها ويثريها بالدراسة والبحث لأنها صادرة عن عالم متبحر ولغوي متمكن وخبير بأصول البلاغة والبيان ومعاني الكلام ومقاصد الحديث ومرامي القول” .
أما تفضيلها الاشتغال على نص نثري لا نص شعري فـ” لأن فكرة أفعال الكلام فكرة مستمدة من مجال اللغة المستعملة / المحكية و تمظهراتها في الحوارات اليومية التي تشكل حقيقة الحدوث إضافة إلى أن الفعل لا يحقق فاعليته إلا بمدى إنجازيته في الواقع”
مبررات الموضوع ومسوغات اختياره:
كشفت الباحثة الشميري عن عدد من المسوغات والأسباب دفعتها لاختيار هذا الموضوع دون غيره منها:
1.جدة الموضوع وقلة الدراسات المتخصصة في هذا الجانب.
2.الربط بين الدرس اللساني التداولي الحديث والتراث العربي القديم.
3.إبراز أهمية النظرية التداولية ومفاهيمها عن الأفعال الكلامية في الدرس اللساني الحديث وطرق تطبيقها في صلب اللسانيات الوظيفية , وبيان قدرتها على إنتاج خطاب تداولي واع ورصين.
6.حاجة اللسانيات التداولية – بوصفها خطابا تداوليا- للدراسة التطبيقية والتعريف بموضوعاتها وأقسامها وتبسيط مقولاتها للقارئ.
8.لفت انتباه الباحثين إلى حقل يمكن الانطلاق منه في اختيار م