دقة وقفزة
محمد المساح
دقت على القلب.. هرول على عجل ليفتح الباب تحكول بشيء لا يدري ما هو.. فلت بطوله القصير على الأرض.. ويبدو أن الخبطة لشدتها ارتدت في الهواء أصوات ارتطام وصلت إلى سمعها وهي تهم بالدقة الثابتة.. كان قد نهض وبسرعة خاطفة والولع يشعل قلبه وهو يدق بضربات كأنها دقات ساعات الزمن كلها وهي تعلن مواقيت العالم.. اقترب من الباب بقفزة واحد بعد الخبطة وشد لسان الهندرب الداخلي للباب بكل قوته وأنفتح الباب.. وفاجأه الفراغ والضوء اللامع لشمس النهار محايدا.. كما تعودته عينيه حين يهم خارجا.. يديه مرتحيتين على جانبي الباب المفتوح وخدعه الأعلى منحنيا برأسه المستطلع والولع يحرق القلب.. قفز القفزة خارج الباب تلفت يمينا يسارا وعينان جاحظتين تبرق بلهفة حارقة.. لا أحد! بعدها قفز بعد القفزة الأولى خارج الباب قفزات عدة.. تجاوز الشارع المقابل للباب إلى الشارع الآخر ينظر في الأشياء الوجوه البشر الناس.. الرجال الأطفال السيارات الموتورات مهلوع.. مفجوع.. ملهوف كأن النطق فارقه أشياء.. أحاسيس مشاعر اختلجت داخله.. لا شيء من هذا سوى نظرات بلهاء تحدق في الفضاء وفي الفراغ نظرات ضائعة وشاردة تبدو للناظر مجرد تساؤل وتحير ليس اندهاش أو انبهار شيء يقترب من الفقدان.. نظرات تائهة ترى أو لا ترى.. لا أحد من العابرين يستطيع استنطاقها.. حتى لو وقف صاحبها وحاول ذلك العابر الغوص فيها فإن صاحبها لا يقف يسير بعجل في الشارع وأحيانا يقفز عدة قفزات شيء ما يركض بعده حتى لا يفقده في الزحام.