صمت في الضجيج
محمد المساح
الحياة بكل وجوهها الظاهرة والمستترة لا تتوقف وأشياء الإنسان وحاجاته تتدحرج صعودا وهبوطا.. تجري وتركض في مساراتها المعهودة إنها اللقمة دافع الحركة والدوران غريزة البقاء والاستمرار.. وفي هذا الدوران الصاخب يصعد الضجيج.. والأشياء تقلب الإنسان ويقلبها فترتفع الجلبة وترن الأصوات وتترجع صدى.. مهموم ومشغول منهمك في عالمة الخاص.. لا صمت هناك ظاهر.. إنها الأصوات والضجيج إنها نبضات حمى الكون ونشاطه.. كل هذه الضجة والصخب تكسر الصمت وتبدده في هذا الصخب والحركة وتداخل وتشابك الناس مع بعضهم يؤدون طقوس حياتهم.. ووجوههم تحمل تعابير شتى تلمح إلى ما يجري في الأعماق والأكباد.. لكنك وأنت تخوض معهم شوارع الدنيا وأرصفة الحياة.. ستلاحظ ربما أن هناك في الأحشاء في مستقر النفس صمت مهول.. وانفعالات وأحاسيس شتى وهي تتفاعل وتفوز تحاول الصعود والخروج.. لكنهم وأنت تخوض معهم لعبة الحياة اليومية يكتبون صمتا مقهورا.. يروضونه ويقفلون عليه كل المنافذ حتى لا يعطلهم من الدوران المعتاد ركضا بعد اللقمة والحاجة تسكنهم الضرورات الحياتية الأنية والوقتية مسجونين في حبس الضرورة.. فلا يستطيعون الانفلات تظل الأمال والرغبات في الانطلاق والتعبير عنها مسألة مستحيلة ورغم ذلك الضجيج في الدوران والحركة يكتشف أن هناك صمتا غريبا وغامضا يغلف الأشياء كما يغلف النفس رغم ضجيجها وصخبها في اليومي والعادي.