الرغبة القاعدة في مدخل سوق النساء

على مدى ست سنوات (2003 ـ 2009) عكف الشاعر محمد عبدالوهاب الشيباني على تدوين تجربة تدور في عالم واحد وتصدر عن مناخ له طابع التنوع والارتداد وإنú شئت التقلب في نهر العاطفة الذي لم يختط له مجرى على هواه إنما ظل محكوما بطبيعةö الأرض التي يمر بها وبالضفافö التي يشرف عليها المجتمع بعينöهö المراقبة تتلظى بالشهوة تارة والظروف الممسوكة رقبتها بالوقت وتصاريفه تارة أخرى.. على نحو تنشأ معه مسافة ويقوم تباعد أشبه بالفجوة يلتقطها الشيباني يسöمها ويسميها عبر آلتöهö الشعرية الباحثة والمدققة في شؤون “نهار تدحرجه النساء” (نشر مشترك: الدار العربية للعلوم نادي جازان الأدبي ـ 2014). في حضور الأنثى تنبني نصوص “نهار تدحرجه النساء” وبين يدي رغبة تبقى معلقة يتوهج بها ذلك الحضور ينسج الشاعر خيوط قصيدتöه المجلوبة من الحكاية ومن العينö التي تسترسل بحساب في رصد المشهد تلصصا وإظهارا بإحكام يتبدى في انعطافة تترك السطح والخارج فتتقرى الدبيب الداخلي والتنميل المنعكس في مرآة الباطن عندما توقف زمن اللقطة المحكية فاسحا الأفق لانبجاس الشعرية المواربة تحملها الأعماق تجذبها الإشارات الممهöدة وكأنها التوطئة التي تميط الحجاب عن الرغبات الهاجعة والشهوات المستكنة أضرمتúها الأنثى بجمرة حضورöها العابر بنشيش يلسع الجلد ويخز الذاكرة ويوقظ العمر: (التي مرت أمام محل بائع الجرائد العجوز دفعت إلى صدره ضجيجا صاخبا وبعد قليل سوف تنزل تلك الوخزات الطويلة التي كأنها طعنة العلة الأبدية التي سربتúها إلى جسده حمى ذات المرأة في مساء بعيد). إن الرغبة المعلقة التي يرصدها ويسبرها محمد عبدالوهاب الشيباني ظاهرا وباطنا لا تأتي من جهة واحدة. الاشتعال ونداء الجسد والهبوب الساخن يطلع من الجهتين ينشق عنه الغلاف فتنتشر الرائحة المختبئة. تخرج ضاجة تعيد التعريف ورسúم الصورة بالزلال يسيل متخثرا مهصورا معصورا من أعطاف حاولت أن تداريه غير أنه ينفر ويدل ويسكب حرارته تعريفا منقوشا في الدم والخطوة: (لم تعرف بكö مهنتك ولا قصائدöكö المنسرحة في الليل الذي عرف بك هو دمكö الحار وتلك الخطوات التي ترسمها حاجة الأنثى ـ التي تركت بابها مفتوحا في الجهات). يجرح الشاعر الصمت ويخلي ساحته من الضباب يتكثف على الجسد كما لو أن الكلام رهينة تقتضي الطي والإضمار والالتحاق بزمن السكوت. يهشم الشيباني القشرة وينفذ بعينöهö الماكرة والساخرة إلى ما خلف النظرة إلى كلامöها المتضخم جمعيا يحوص بين العابرين والقاعدين والركاب والسائقين والباعة والطلاب والمعلمين نظرة تشتمل بفم مزموم شقه الشيباني وأطلق ضحكته الفاضحة: (المرأة التي ينظر إليها الجميع ولا تنظر إلا لأسفل قدميها هي الرغبة القاعدة القرفصاء في مدخل سوق النساء الرغبة المكبوتة لأربعة وعشرين مليونا يسهر الحاكم على إرضاعöهم).

قد يعجبك ايضا