مخرجات الحوار ..مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة
محمد العريقي
يبدو أن النكدين والمعاندين, لإ يقرون ولا يلتصقون بالواقع , ولذلك يظل عزفهم ونغمات كلماتهم بعيدة كل البعد عما يتطلع إليه الشعب اليمني .
الكثير من الناس رجالا ونساء من مختلف الأعمار والتوجهات, المنشغلين والمشتغلين والمتابعين والمستمعين والمشاهدين لوسائل الإعلام مبتهجون ومتفائلون بمخرجات الحوار الوطني , إلا نفر من أولئك البشر الذين يعيشون تحت ضغط الحقد, والعاشقين لتمزيق وشتات الوطن , ومثل هؤلاء ينطبق عليهم مثل محلي ( يفرح بشتات أهله ).
العالم كله بارك لليمنيين, وتابعنا البيانات والمواقف الدولية والاقليمية المؤيدة لهذا الانجاز الكبير , وفينا من يسخر ويبشر بالويل والثبور , لماذا كل هذا التشاؤم ¿ ولماذا نضع العربة قبل الحصان ¿
استغربت أثناء متابعتي بعد ظهر الخميس الماضي إحدى القنوات الفضائية لذلك المذيع الذي استضاف أحد الزملاء الإعلاميين, عندما كان ذلك المذيع يطرح أسئلته للزميل الإعلامي الذي يظهر دائما بتلك القناة, عبارات عن تلقين توجهه أن يتحدث في أشياء مناقضة للمزاج العام الذي يسود الشارع اليمني من ارتياح وتفاؤل بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل , لكن ذلك الزميل الإعلامي , كان حصيفا ومراعيا للجو العام المتفائل خيرا بتلك المخرجات , ولم يسير باتجاه ما يريده أخونا المذيع الذي يصر عليه وحاول أن يقوله ما لم يقله , ودافع زميلنا عن موقفه, لكن المذيع اختتم برنامجه بالقول : ( ما تقوله لن يتحقق حتى بعد , مائة سنة).
قد يكون لذلك المذيع موقف أو وجهة نظر أو رؤيته الخاصة , له الحق في ذلك أن يعبر فيها بمقالة , أو على صفحته بالفيسبول , أو في المقيل .. أو أو … , لكن في قناة تلفزيونية أنا احترمها في كثير من الأحيان لمهنيتها, فهذا لا ينسجم مع ذلك البرنامج الذي يسمع لرأي الضيف ولا يحق للمذيع أن يطرح رأيه .
واعجبني مقدم برنامج صباح الجمعة من إذاعة صنعاء – البرنامج العام الذي قال وهو يختتم البرنامج :(إن شاء الله سيكون اليمن أجمل وأفضل في المستقبل .), عبارة بسيطة ليس فيها تكلف, ولكنها ذات قيمة نفسية بناءة في وسيلة جماهيرية .
هذا هو الأمل والتفاؤل .. فلماذا البعض يصر على أن نعيش في جو الإحباط والكأبة, نضيق الخناق على أنفسنا , ونستكثر حتى الشعور بالأمل, ألا تكفينا هذه الهموم والمتاعب والاحداث المأساوية التي نشاهدها ونعيشها يوميا ¿¿ هل نستسلم وننخرط جميعنا في عالم الجنون والذبح والاقتتال , لابد أن نعيش الأمل .. ونستلهم قول الشاعر أبو اسماعيل الطغراني الذي قال (اعلل النفس بالآمال ارقبها .. ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل) .
والله سبحانه وتعالى يحث المسلم على الأمل والدعوة إلى الخير , وفسح له مجال التوبة حتى لحظة الاحتضار , فلماذا كل هذا التشاؤم ¿ وأمامنا فرص التغيير متاحة بدون دماء أفضل من غيرنا من مجتمعات عربية أخرى ¿.
لكن وهو المهم لا نفرح ولا نشطح بتلك المخرجات , ولا نعتبرها العصاء السحرية التي ستحل كل مشاكل اليمن فمشاكلنا كثيرة وعويصة ومعقدة جدا , وما خرج به مؤتمر الحوار من أفكار وإجراءات وضمانات لاتزال أمورا نظرية , وحبرا على الورق , ولكنها مهمة جدا , قدمت لنا خارطة طريق ومجسات الاستشعار عن بعد لكيفية اليمن الحديث الذي يطمح له المواطن, يحقق له المشاركة , ويكفل له الحرية والعدالة والكرامة والمواطنة المتساوية .
هذا لا يتم إلا بتحويل تلك النصوص إلى أفعال في الواقع , هذا يتطلب دورا تشاركيا وفرديا من كل شخص ومن كل الأحزاب والمنظمات , ومن كل الهيئات والفعاليات الرسمية والشعبية, لا استسلاما لليأس والإحباط , ومن يسوق مثل هذه المفردات الخشبية سوف يجد نفسه معزولا .. علينا أن نتسلح بالوعي والتفكير الإيجابي, والتمسك بالأمل الذي يتبعه العمل, وأن نتمعن بالمثل الصيني الذي يقول ( مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ).