السياسيون.. هم كلمة السر
جميل مفرح
ظل وسيبقى مؤتمر الحوار الوطني – الذي اختتم فعالياته وأعماله بمظاهر ابتهاجية لها خصوصيتها خصوصا في المجتمع السياسي اليمني – مفصلا محوريا ظل الشعب اليمني والمجتمع الدولي من حولنا يتابعون مجرياته وتطوراته وطروحاته كما ما يزال الجميع يراقبون مخرجاته إلى أين يمكن ستأخذ الوطن والشعب وما الذي يمكن أن تحققه لتخرج الوطن من بين قوسي الخوف والترقب والتربص وغير ذلك من الحالات السلبية التي غشيت اليمنيين وسواهم على امتداد ثلاث سنوات متوالية.
وفي حين يصف الكثيرون تلك المخرجات أو يسميها بالانحصار في تلبية المطالب السياسية ورجالات السياسة دون غيرهم فإن هناك من يرى أن العنصر السياسي هو المحرك والمفصل الأبلغ أهمية باعتبار أن الأزمة التي شهدها الوطن سياسيا بامتياز ويرتكز عليها كل المطالب والطموحات والإرادات الأخرى بما في ذلك وعلى رأسه المطالب والطموحات الشعبية المتمثلة في توفر عناصر الأمن والوفاق والاستقرار والتي عليها يبني بالتالي توفر العناصر الأولية الشعبية بما في ذلك تحريك دواليب الاقتصاد والعمليات التنموية الأخرى التي من الطبيعي أن يترتب عليها توفر الغذاء والأمن ومتطلبات وخدمات الحياة اليومية من كهرباء ووقود وما إلى ذلك.
ويرى هؤلاء أن السياسيين هم النخبة المسيرة لعجلة الحياة اعتمادا على ما سلف من وصف وطرح وأن بأيديهم أن ينتشلوا الوطن من أصعب وأعقد الاحتقانات التي شهدها ويشهدها الوطن وأن توافقهم هو ما سيحقق كل ما هو مرتقب ومأمول من حواراتهم ومواجهاتهم التي كان المؤتمر سقفا مظلا لها وميدانا لتصفيتها وتصفية ما تكدر من أجواء الاحتقانات التي فصلت ووصلت بين علاقاتهم كمحركين لقواهم السياسية المختلفة وتقريب المسافات التي أنتجتها تلك العلاقات المتباينة والأحداث المحمولة عليها.. وأنهم – أي السياسيين – هم الأمل الذي يتوقف عليه نجاح هذه التجربة السياسية المختلفة عن سواها في المنطقة كما هم من يقف وراء نجاح أو إنجاح مؤتمر الحوار الذي مثل حلم اليمنيين وسوى اليمنيين.
ومن هنا يتضح ما يتحمله السياسيون من مسؤولية كبرى تجاه الوطن والشعب وتتجلى الأهمية لوجودهم كنخبة أولى تتوقف عليها الكثير من الآمال والطموحات التي يرسمها يعدوا عدوا إلى تحقيقها كل شرائح المجتمع ومؤسسات الدولة جهة جهة وفردا فردا.. نعم أنها كما تبدو مسؤولية ومسؤولية صعبة جدا تتجلى كسيمة ومبعث اعتزاز وفخر للسياسي بكونه مطلوبا ومقصودا في مثل هذه المناسبات والأزمات.. فبما يتحقق من تسوية أو تسويات أو نتائج لعمل السياسيين وعليه يتوقف مستقبل وطن كبير وشعب كبير يعلنان عن حاجتهما إلى دوره الفاعل بل والمتحكم والمتصرف في توجيه مسار هذا المتغير الهام في هذه المرحلة الهامة من تاريخ الوطن.. إنه بلا شك كلمة سر أو مفتاح أي نجاح مأمول.
نعم لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الأساسي والرئيسي الفاعل للسياسيين في هذا المنعطف الخطير والجميع يعرفون أن مصيرهم مرتبط بعقلانية وحسن تصرف وحكمة السياسي بالدرجة الأولى ولكن هل يدرك السياسي حقا هذا الحال أو هذه المكانة التي هو فيها إدراكا عقلانيا إيجابيا بعيدا عن الحسابات الفئوية والحزبية البسيطة التي كانت وراء هذا التعثر بالدرجة الأولى وقد تكون وراء إخفاق عملية تحولية كبرى يرتبط بها مصير حاضر ومستقبل وطن¿! وهل ينظر إلى هذه المكانة التي يحتلها والعملية التي يتحكم في توجيهها على أنها مرتبطة بمصائر حاضرة ومستقبلية للوطن بأكمله وللقيم الوطنية والانتمائية وللمثل العليا التي ترتبط بها معاني الوطنية والإيثار والتضحيات التي قد يجد نفسه أمامها وهل بالفعل لديه الاستعداد للتعامل مع ذلك بشفافية متناهية تلغي الفردية والأنانية والحزبية في سبيل تحقيق النجاحات الوطنية السامية والنجاة بالوطن والشعب من مغبات الصراعات السياسية والحزبية التي قد تذهب بكل شيء وهل يعقل أنه قد يعكس صورة مثالية ينتج عنها شعبية وتعاطف معظم أبناء الشعب.. إذا أدرك ذلك وقيمته ومعناه ونتائجه الإيجابية التي أول ما ستعود بالخير عليه وعلى توجهه وانتمائه حينها لاشك أن السياسي سيكون مثالا وسينجح في تكريس نفسه ورؤاه عبر شعبية عالية ومحبة قد تصل إلى الهوس كما يحصل وهو حاصل مع كثير من الأعلام والشخصيات السياسية التي أحبها البشر ليس في أوطانهم وحسب وإنما على مستوى العالم.