وانتهى الحوار
جميل مفرح
عشرة أشهر انقضت ونحن وأعني بنحن عامة الشعب نترقب الحوار الوطني حتى غدا جزءا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية.. نراقب أحداثه بتوجس كبير بسبب ما مررنا ومر به الوطن من نكسات كادت تودي به وبتاريخه بحاضره وبمستقبله .. وهاهو أخيرا يعلن انقضاء موعده بل مواعيده وهاهو يقدم لنا عصارة ما ورد فيه من أفكار وتفاهمات واتفاقات صاغتها!! ومع ذلك كلنا آمال أن تفضي تلك التفاهمات واللقاءات والمؤتمر عموما إلى ما يمثل خلاصا للشعب والوطن من تلك المخافات التي قادتهما إليه السياسة وحساباتها بشكل قسري.. ليس لنا ولا للوطن فيها باع أو مكان!!
* المهم الآن أن عامة الشعب وبعد مظاهر الاحتفاء والإعلان عن اختتام فعاليات هذا المؤتمر تقض راحتهم الكثير من الأسئلة التي هم بأمس الحاجة إلى الإجابة عنها من مثل:
– ماذا بعد¿ وأين نحن من هذا كله¿! وأين وطننا¿ وما الذي من الممكن انتظاره بعد الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل مسلسل الحوار¿ وهل ستغير النتائج شيئا مما يعيشه الواقع اليوم¿ ثم ماذا علينا أن نتوقع أو ننتظر الآن¿ خصوصا مع استمرار فاعلية التنازع والتنافر الذي تشهده القوى المتحاورة المتقاتلة¿ هل ننتظر ملهاة أخرى أو مسلسلا آخر نقضي معه مئات أخرى من الأيام المشحونة بالأكشن والتخوف والتوجس¿ وهل علينا فعلا وكما يهدد بعض السياسيين ممن ادعوا الوطنية سابقا وزايدوا بالحوار تاليا ثم تبرأوا أخيرا أن نحتاط من القادم لأنه سيكون أسوأ بكثير مما مضى¿
وأخيرا هل من الطبيعي أن يظل الشعب متفرجا وكأنه غير معني بشيء بينما أولئك المتحاورون المتنازعون يسومونه سوء العذاب والمعاش كل من أجل مصلحته الشخصية وحاجات توجهه الأناني¿!
* بالمفتوح.. خلاص انتهى الحوار.. أيش اللي بعده¿!
ما أود الإشارة إليه هنا هو أن سياسيي البلاد نالوا فسحة كبيرة من الصبر والاتكال وإعطاء الفرص بسخاء كبير من قبل الشعب.. وأنهم الآن أمام مسؤولية بل مسؤوليات كبيرة أبسطها الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها مما يجول بإلحاح كبير في بال كل فرد ينتمي إلى هذا الوطن..
* وفي اعتقادي أن فسحات الصبر وإعطاء الفرص لم تعد متوفرة بالشكل الذي يوفر أمانا مناسبا للسياسيين ليتصرفوا بما مضى من لامبالاة وأنانية واستخفاف بالعقول والعواطف وأنهم- أي السياسيون يعيشون الآن مأزقا خطيرا ومكلفا للغاية وإن كان كثير منهم لا يشعر بذلك.. وهذا الذي لايشعر أو يحاول التظاهر بأنه لا يشعر من الطبيعي أن يكون الأكثر تضررا على الأقل فيما يتعلق بمشاعر وانطباعات الأفرا الأفرا در عنه..
* فعلا على سياسيي اليوم أن يفتحوا أعينهم ومداركهم جيدا.. وأن يتنبهوا إلى أن الشعب لم يعد اليوم غافلا عما يحدث حتى تحت الطاولات ووراء الجدران والأبواب المقفلة.. كما لم يعد واثقا ولا مرتكنا ولا حتى ممتنا تجاه ما سيقدمه السياسيون اليوم.. لأن السياسي بات مدينا ولا ينتظر منه إلا رد الدين.. أما محاولات التملص والإنكار والمواعدة والتسويف فلم تعد ذات جدوى حتى على مستوى التلقي!!
* وذلك في مجمله ما يضع مسؤولية إضافية على عاتق السياسيين اليوم.. وهي مسؤولية ليس تجاه الوطن والشعب وحسب وإنما أيضا تجاه أنفسهم.. باعتقادي أن الظروف والمتغيرات ضاقت أيضا عليهم وباتت وشيكة من أن تلامس أو تهدد وجودهم السياسي وربما الوجودي أيضا.. وألا يعتقدوا أنهم ناجون مما يعتمل أو نتائج ما يعتمل ذلك لأنهم كانوا وما يزالون جزءا من ذلك الواقع بل جزءا أساسيا من محدداته ومحركاته وموجهاته والمسؤولين عن مختلف متغيراته وأحداثه..
* إنهم فعلا في موقف لا يحسدون عليه إطلاقا.. ولكن عليهم أن يواجهوا حقيقة أنهم من قاد الوطن إلى ما هو فيه حاليا.. وعليهم أن يتحملوا النتائج بمسؤولية أيا كانت هذه النتائج فهي واقعيا حصاد ما زرعوا وما غرسوا هم وحدهم.. ولا مسؤولية أو علاقة لأحد سواهم في المجريات التي شهدها الوطن مؤخرا..