تصحيح النظرة اليمنية التاريخية

محمد صالح الحاضري


 - • لاتشكل النقوش لوحدها أساسا صحيحا لقراءة وتقييم التاريخ اليمني القديم بل تحتاج إلى تحليل خاص بظروف كتابتها وطبيعتها التسجيلية للإخباريات أو كتابة الأخبار الشخصية للمكارب والتبابعة كأشبه بتوثيق تاريخ سياسي مرحلي عن معركة
• لاتشكل النقوش لوحدها أساسا صحيحا لقراءة وتقييم التاريخ اليمني القديم بل تحتاج إلى تحليل خاص بظروف كتابتها وطبيعتها التسجيلية للإخباريات أو كتابة الأخبار الشخصية للمكارب والتبابعة كأشبه بتوثيق تاريخ سياسي مرحلي عن معركة خاضها أو ظروف وصوله إلى السلطة على صهوة معارك عديدة تشكل مراحل الحرب التي نشأت عنها المرحلة السياسية فيقال أن ثمة مبالغات رقمية وأسطرة للمعلومات تنتمي إلى مرحلة تطور العقل في فترة كتابة النقش وإنها ثقافة كانت جزءا من جدل السياسة والحرب على مستوى العالم القديم.
قيل بكتابة نقوش كيدية بهدف إيقاع الإدانة التاريخية بملوك كبار ومن ضمن ما تأكد للمؤرخين نقش كيدي منسوب إلى يوسف ذو نواس الحميري يفتخر فيه بأرقام الضحايا التي سقطت تحت أقدام جيشه فقيل إنه نقش هدفه تشويه لكن النقش الوارد فيه خبر حسم كربئيل وتر للموقف العسكري وإعلان قيام دولة المكارب ثمة فكر دولة فيه بجانب رقم الأربعين ألفا من القتلى في تلك الحرب وخبر وعلم بالطريقة اليمنية التقليدية عن كربئيل وتر لعل عبارة المساواة بين مواطني الدولة كانت من ضمن ما تكلم حوله كربئيل وتر في شرحه لمشروعه السياسي الوطني وانتشر بين الناس بالتداول اللسني وكان كربئيل وتر يخطب في الناس بنفسه ويرسل الأقيال الحكماء من مناصريه إلى المناطق للتبشير بحركته الوطنية وشرح أهدافها فبدأ المتعاطفون الوطنيون بالانضمام إليها ومناصرتها.
إن مسألة النقوش يجب النظر إليها من زاوية عملية التخريب للآثار العمرانية المعينية والسبئية والحميرية التي نلاحظ نتائجها في البيوت المحتوية في جدرانها أعمدة حجرية وأحجار نقشية بأعداد على مستوى هذه الظاهرة تصل إلى عشرات آلاف من هذه الأحجار والنقطة الثانية إن ثمة طمسا متعمدا للنقوش خلال ظروف انعدام السيادة الوطنية وأيضا ثمة نقوش مازالت مطمورة أو غير مكتشفة.

عقدة مأرب والجوف
من المعروف في علم التاريخ أن النقوش من الأدلة المادية وأنها لا تسقط الأدلة النظرية بل يتكامل النظري مع المادي بالشكل الذي يمنع هيمنة المرجعية الآثارية المادية على نحو ما تجمدت عنده الرؤية إلى تاريخ اليمن القديم وكادت تغرق في رمال مارب والجوف ومعها متحصلاتها النقشية المحدودة في حجم ما تقدمه من فكرة عن التاريخ اليمني في حين اليمن كلها متحف آثاري.

قراءة خاطئة للنقوش
الناحية الأخرى أنه ثبتت حالات قراءة خاطئة للنقوش وحالات تعديل في نتائج القراءات النقشية ناتجة عن القراءة الخاطئة أو عن خلفيات أخرى حاولت أدلجة التاريخ اليمني بإيديولوجيتها القومية والدينية المعاصرة فقالت عنه ما أرادت قوله عن نفسها وتاريخها مما ثبت خطأه وخاصة في الجانب العسكري من تكشف نظرة السبئيين- الحميريين المختلفة عن نظرة المعاصرين من المؤرخين للتاريخ اليمني القديم بأيديولوجيتهم وارتباط مفهومها للمجد بالنشاط العسكري.

اغتراب اللغة اليمنية
كذلك تأثرت قراءة النقوش باغتراب اللغة الحميرية فكانت قراءة نقوش مكتوبة بلغة مغتربة لا أحد من اليمنيين يعرفها ومن يعرف مبادئها منهم اتضح بأنه كان جزءا من عملية قراءتها الخاطئة إن لم يكن بالاشتراك في توثيق الخطأ القرائي فبالصمت على طريقة توثيقه وهو صمت دال على عدم معرفة تامة باللغة الحميرية.
إن اللغة الحميرية تتيح بصفتها من عائلة اللغات السامية لمن يتحدث العربية مطابقة نطق الحرف المسند المختلف شكلا عن الحرف النبطي (العربي) مع ما هو واضح من الكلمات المشتركة سواء في إطار العائلة اللغوية السامية أو في إطار العلاقة التاريخية بين اللغة العربية واللغة الحميرية والوصول إلى فهم للكلمة الحميرية في النقش بوصفها في الأساس منطوقة بالأبجدية اللغوية السامية أبجد هوز الخ وما يصعب فهمه من المفردات الحميرية تتم العودة بشأنه إلى الاحتياط اللغوي التاريخي المعيني السبئي الحميري كاحتياط موثق في جزء كبير منه داخل اللغة الحميرية المعاصرة.

نقاط القوة المادية
يتأكد خطأ الاعتماد على النقوش في تقييم التاريخ اليمني من التناقض بين ما ترسمه من صورة عن اضطراب الواقع القديم أمنيا وسياسيا وبين الحقائق المادية لتطوره الاقتصادي فنشر النتائج القرائية للنقش الإخباري الأمني والسياسي يقابلها نشر صور بديعة لفن النحت بوصفه فن التصوير المتوفر داخل شروط تطور العالم القديم المادية الذي واصل تطوره التاريخي حتى بلوغه مستوى فن الصورة الفوتوغرافية والتلفزيونية في عصرنا.
فمنحوتات ما بعد القرن العاشر قبل ال

قد يعجبك ايضا